عشق الرعد الجزء الثالث الفصل الحادي عشر بقلم سماء أحمد
وفي يوم من الأيام
جلست جاسمين ابنة يوسف في غرفتها تتابع اللاشيء أمامها، لم تخبر والدتها أنها أتت حتى تتركها في خلوتها هذه بعض الوقت، فعقب ما حدث معها من سنة كاملة يرفضوا تركها وحدها حتى الآن للحظات
تذكرت ما حدث في ذاك الوقت حيث كانت تجلس بجانب ماجد ابن محمد زوج زينة، فهو معيد في كليتها وقد شعر بالإعجاب ناحيتها وبدأ يقترب منها، جاسمين في البداية قامت بصده على أساس كلام والدتها التي قالته صريح " زينة لا "
وفي يوم من الأيام وأثناء عودتها من الكلية، أتت سيارة أمام سيارتها تعترض طريقها وحاولت جاسمين الفرار إلا أن سيارة آخرى أتت خلفها، كادت تغلق الباب إلكتروني لكن شخص يرتدي قناع فتحه واخرج منديل يكتم فمها بأنفها به بخفة
حاولت جاسمين دفع يده إلا إنه لم يسمح بهذا حتى اغمى عليها ثم حملها بين يديه واتجه بها إلى سيارة آخرى، فتحت جاسمين عيناها وجدت نفسها مقيدة في كرسي بقوة وعلى عيناها وشاح
صرخت بجنون : مين هنا؟ يا بابا ساعدني، بابا
أتاها صوت خشن قوي : مفيش بابا هنا، اللي هنا أنا وبس وخليني اعرفك بنفسي
حاوط فكها بخفة ثم اقترب يدفن وجهه في عنقها يستنشقه، حركت وجهها بعنف تصرخ به : لا ابعد عني، يا بابا
لم يأذيها الشخص أذية جسديه لكنه اقترب منها بطرق غير مباشرة، يومان ولا أحد يعلم عنها شيء تعيش بين أنفاسه التي تمر عليها وذات يوم اقترب منها
بدأت تبكي واردف بخفوت : متعيطيش، أنا بحبك يا جاسمين اوي، هرجعك لأهلك لأني شايف إن اللي بعمله بيقلل كتير اوي من مشاعري نحيتك، جاسمين أنا معنديش الجرئة اني اقرب منك واعترفلك بمشاعري واحببك فيا ولا هاين عليا اخد منك حاجة واكسرك واقهرك
جاسمين ببكاء : أنت مين؟
مرر إبهامه على وجنتها قائلاً : أنا حد قد منا قريب منك بعيد اكتر
بدأت ترتعش ثم ضمت شفاها تهدأ وقالت : أنا اعرفك؟
مرر شفاه على وجهها وهمس : ايوة
وفجأة فعلها وانقض على شفاها، بدأت تبكي بانهيار وحاولت دفع وجهه عنها لكنه لم يبتعد، تركها وعادت لأهلها ورغم البحث المستمر لم يجدوا أي آثر له
ظنت أنه ماجد لكنه بالتأكيد لا يفعل هذا، ورغم أن ماجد علم ما حدث إلا إنه طلب يدها ووافقت هي ثم كتبوا الكتاب ولم تنتهي الحكاية هنا..
فاقت على صوت سيلا التي دخلت قائلة : والله حرام عليكي، قاعدة لوحدك ليه؟
أشارت جاسمين لها واتجهت سيلا تأخذها داخل أحضانها، نظرت جاسمين قائلة : اتشاكلت مع ماجد تاني
ردت سيلا بهدوء : ليه؟
جاسمين بتنهيد : عشان نفس الموضوع
أجابت سيلا كالعادة : أنتِ شايفة نفسك صح؟
ردت جاسمين بإبتسامة : أنتِ شايفاني غلطانة
ضحكت سيلا قائلة بمرح : بنتي مبتغلطش خالص أصلا
عادت جاسمين تضحك وقبلت سيلا جبينها كذلك يدها فاردفت جاسمين : صحيح يا ماما أنتِ مخاصمة آيسل ليه؟ دي غلبانة اوي يا ماما والله وطيبه
ردت سيلا بهدوء : طيبة اة وانا مش بخاصم حد
فهمت جاسمين من طريقتها أنها لا تريد أي مبررات او التحدث في الموضوع، وقفت آيسل أمام شقة يوسف وتذكرت أن كل مرة يأتي سبب يجعل صوتها يذهب تعيده سيلا بحنيتها وحضنها الدافىء، جلست على السلم تنظر باتجاه الشقة
" إلى متي؟ "
هذا ما سألت نفسها به ووجدت يوسف يصعد على السلم، نظر باتجاهها قائلاً بمرح : ايه ده! آيسوله قاعدة كده ليه؟
أشارت بجانبها فاتجه وجلس قائلاً : على سبيل الجمال والطعامة والرشاقة بطلع السلم من غير اسانسير، ايه اللي حصل خلاكي رجعتي متتكلميش، سحاب زعلتك؟
هزت رأسها بالنفي ولمعت دموعها ثم نظرت لأسفل، ظل يتأملها وكانت سيلا تراهم من العين الساحرة وبكت، ظلت آيسل بجانب يوسف دون حديث لكنها كانت تريد هذا البقاء..
وعند يعقوب
نزل من سيارته والقى المفتاح للحارس في حركة مرحة ثم اتجه يصعد بضع سلالم، رن هاتفه وكالعادة زينة واجاب تحدث معها بضع دقائق قبل صعوده وأغلق، وجد جوان أتية باتجاهه وكالعادة استغل الفرصة في رسم الضيق عليها
تحدث بمرح : البومة الوسطانية يا أهلاً
اطلقت زفير غائظ ولم ترد عليه، تحدث بتفكير : بقولك ايه ما تيجي اعزمك على كريب، في محل فاتح جديد وسمعت انه حلو
أشارت بيدها قائلة : هو أنت فلوسك لله يا محسنين كده!
مسك يدها وهو يضحك ثم أخذها خارج البرج يتجه للمحل، جلست تتناول معه واردف : اتنين بيبسي ماشين
بدأ يتناول كذلك هي وتحدث : متقوليش لسيلا بقى عشان بتتقمص
تساءلت باستغراب : يعني أنت هتروح تاكل تاني
أكد بخفة وهو يتناول فاكملت بغيظ : بتحط فين كل ده
ضحك ولم يجب فابتسمت بعدم تصديق ثم قالت : دا أنت عضلات بس، مش دا بيعمل كرش
رد يعقوب بإبتسامة : الكرش ليكم مش لينا وبيعجبنا الصراحة
وغمز في آخر حديثه فعقدت حاجبيها باستغراب قائلة : ايه المغري في الكرش يعني!
أعاد ظهره للخلف قائلاً بلامبالة : لما اتجوزك هبقى اقولك
ردت جوان بانفعال : No way، لا مش أنت بجد! المهم عايزاك في طلب صغنون ومش هيخسسك يعني مع أني شايفة انك بجد لازم تخسس الأكل اللي بتاكله، مش بيبان عليك يخربيتك
أشار بيده قائلاً بغيظ : الله أكبر يا قرارة، قولي عايزة ايه؟
تحدثت جوان بتوتر من رفضه : عايزة اشتغل معاك لأني مش مكتفيه بالجامعة بس وكده، ممكن وصدقني مش هضايقك ولا هقولك ...
قاطعها يعقوب قائلاً : اوكى تعالي بكره ونشوف الحوار ده، كملي اكلك
ردت جوان بحماس : هو بسهولة كدة بجد! يعقوب أنت وافقت
هز رأسه بتأكيد وعاد يبتسم لها، بدأت تتناول بحماس ثم عاد للمنزل معها وتركها أمام باب شقة والدها ثم اكمل صعود لأعلى..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
في منزل بيبرس
يتميز منزله بمساحته الواسعة وأنه عبارة عن ڤيلا رغم هيئته، اختارت الوانه بنفسها وهو موقعه الذي ابتعد عن والده ويعتبر الجميع، كل إنش به مميز لكن مع مرور السنوات بدأت تراه كالحصن المنيع من الحرية
في الصباح يذهب ابنها إلى حضانته مع السائق وهو إلى العمل ثم يعود يعوض ابنه عما افتقده وأحيانًا ينسى وجودها، هذا بالإضافة إلى بعض الأفراد من عائلته تنفي فكرة زواجها منه وتشجعها على الإنفصال
وقفت وعادت للداخل تسير في الأرجاء، فاقت على حضن دافئ غمرها وهنا انفجرت باكية فاردف بفزع : في ايه؟
دفعته بغضب وكادت تصعد مسك يدها قائلاً : ليلة
صرخت به بغضب : ابعد متكلمتيش، أنت حابسني هنا من غير شغل وكمان بتتأخر، الساعة كام الوقتي؟ ستة قولي كنت فين لحد الوقتي
توترت ملامحه سرعان ما أخفى توتره وهو يدفن أنفه في عنقها يستنشق عبقها، همس لها : في الشغل ومجتش غير لما ...
ضربته بقبضتها في بطنه ثم صعدت لأعلى واغلقت الباب عليها في حركة تمرد، صعد خلفها ووقف يطرق على الباب قائلاً : ليلة أنا أسف وبجد يا حبيبتي مش هتتكرر
ردت ليلة باعتراض : كل مرة تقولي كده
شعر بالحزن من نفسه واردف : والله المرة دي بجد، افتحي ومتزعليش مني وصدقيني انا عارف إن معاكي حق وأنا غلطان بس انا بحبك يا ليلة ومش حابب حاجة تشاركني فيكي، انا محتاجك اكتر من ابننا وكمان ما بصدق ارجع اخدك في حضني اقوم الاقيكي زعلانة مني
عقدت حاجبيها بانزعاج من ذاتها وتمكن من جعلها تفتح الباب له، ابتسم بيبرس وحاوط وجهها يُقبل جبينها ووجنتيها ثم ضمها بقوة هامسًا : بحبك
ردت ليلة بحزن : لسه زعلانة منك
همس بخبث مرح : اصالحك يعني؟
رفعت وجهها قائلة بتأكيد : ايوة يلا صالحني
قَبل جبينها مرة آخرى وهو يعيدها لحضنه، ومن حنيته التي تظهر حين تحزن تجعلها تنسى اي غضب منه، ست سنوات بالنسبة لها حياة فوق الحياة..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
وفي اليوم التالي تحديدًا في المستشفى
دخلت آيسل الغرفة ورغم أنها تعلم أنها تثير الشكوك إلا أنها لم تهتم، وجدت عشق تجلس على طرف السرير أمام رعد وأسد ينظر أمامه بصمت وآدم أمامه يحاول التحدث معه، رعد الصغير يحضنه ويعتذر كل قليل حتى يتحدث لكنه صامت
رفعت عشق نقابها قائلة بمرح : يا ساتر أنا هلاقيها منكم ولا من ابوكم، انا اتخنقت
وقف ريان واغلق الباب قائلاً : أنتِ مش هتجبيها لبره انا عارف
حقنت آيسل الدواء في محلول فهد ومسكت عبوة اتجهت حيث رعد تريها إياه، تحدث رعد بإبتسامة : في ايه يا آيسل! أنتِ موسوسة ليه؟
أحمر وجهها أسفل النقاب ونظرت لأسفل باحراج، وقف وأشار لها فاقتربت تقف بجانبه واردف بصوت منخفض : فين عشق؟
أشارت على فمها بمعنى لا تتكلم، أكمل بقلق : ومروحتيش لأخصائي ليه؟ استني هكلملك واحد
أشارت بمعنى لا ثم أشارت مرة آخرى فاردف بضحك : مرتاحة من سحاب طيب روحي كملي شغل
أتى ريان عند أذن عشق واردف بمرح : ابنك بيلمح ولا ايه! ليه حق البنت عليها جوز عيون إنما ايه!
ضربته عشق بخفة على وجنته قائلة : اتلم وعيب كده بعدين معتقدش يعني
وكانت تقصد انها تعلم حبه لعشق الصغيرة، التقطت كوب من الماء تشرب وهنا تحدث أسد دون مقدمات : ماما شوفيلي عروسة على ذوقك
وهنا بدأت عشق بالسعال ووقع كوب الماء منها، انتفض أولادها واقترب فهد يربط على ظهرها، وقف الشباب واتجهوا لها واردف أسد بخوف : ماما! ارفعي وشك
توتر رعد ولم يعرف ما عليه فعله، وأشارت آيسل له بالعودة وهي تتفهم امره، احنت وجه عشق التي بدأت دموعها بالتساقط وبدأت تربط على ظهرها بخفة، مسك فهد يدها ودفعها قائلاً : متخبطهاش على ضهرها
تركت عشق والأمر وما يحدث وقلق الجميع وبدأت لا تستوعب أنه مسك يدها، فهد نفسه استغرب ذاته واستغفر رغم ارتدائها جوانتي إلا أنه كره ذاته، هدأت عشق ومسح آدم دموعها وضمها ريان بقوة
تحدثت عشق بلهفة : بجد يا أسد هتتجوز!
قَبل يدها وجبينها ثم هز رأسه بتأكيد، عاد إلى سريره وجلس مرة آخرى بعدما اطمئن عليها، عاد يتذكرها وكان ذكرياتها هي الشيء الذي يجعله سعيد حتى لو لوقت محدود جدًا
ذات يوم كانت تجلس شاردة وفي يدها الهاتف تنظر إلى صورة طفل صغير، دخل أسد والقى السلام على عائلته ثم جلس يبحث عنها بعيناه، ضحك أخواته عليه وتحدث آدم : لو الجواز مش كده يبقى بلاش منه
ردت عشق بإبتسامة : دي حقيقة، خليف ابوه اهو، هي في جناحكم ومقموصة وبتقول مش واكله وحالتها حالة
وقف أسد فأكمل رعد بإبتسامة طفيفة : بلاش عصبية عشان الستات مش بتيجي كده، فهمتني؟
هز رأسه بخفة واتجه فتح الباب ثم اغلقه واغلقت هي الصفحة ومسحت التطبيقات ثم القت الهاتف، مسحت دموعها ووقف تستقبله
تساءل باستغراب : قفلتيه ليه؟
حركت رأسها بخفة : مفيش حاجة
أشار على الساعة قائلاً بضيق : هو دا مش معاد الغدا
تسنيم وهي تنظر للأرض : قولت لماما مليش نفس وعايزة ارتاح شوية
صرخ بها بدون مقدمات : ترتاحي من ايه؟
انتفضت تسنيم بخوف وعادت خطوة للخلف، فقد امتاز أسد بعصبيته المفرطة عكس هدوء آدم وبرود فهد، مسك الهاتف ولم يتردد في القائه ارضًا ورغم مرور تسعة أشهر فقط على زواجهم إلا أنه كسر ثلاثة وعشرين هاتف لها وكان هذا الرابع وعشرين
اجهشت بالبكاء فأكمل بعصبية : اوعي فاهمة! ريحي دماغك منك وريحيني عشان مزهقش
تساءلت بصدمة : تزهق مني؟
تركها وغادر الجناح كذلك القصر كله بغضب وجلست هي تبكي، دخلت عشق لها وشغف لكنها لم تتوقف واتجهت تحاول الرن عليه من هاتف المنزل لكن هاتفه مغلق
خرجت تجلس في الحديقة ووقفت شغف بجانب أمها قائلة : الفون رقم ٢٤ يا ماما، الفكرة مش في كدة الفكرة إنهم كلهم آيفون
عشق وهي تقرص وجنتها : اتلمي بقى
ظلت تسنيم تنتظره ولم يتركه رعد حتى وصل له، كان يقف أمام سيارته ينظر لمنظر النيل وقد حل الليل، وقفت سياره ونزل شخص قائلاً : أسد باشا اتفضل
استغفر ربه ثم مسك الهاتف قائلاً : سلام عليكم
رد رعد بحدة : ارجع حالاً يا أسد وصالح مراتك بعدين اشوفك بكره الصبح واوعى تفكر إني هعديها
رد أسد بهدوء : حاضر يا بابا
أعاد الهاتف له ورغم أن أولاد رعد كبروا سنًا وشكلاً، وكبروا على الجميع إلا أنهم لم يكبروا أمام رعد وظل له احترام كبير لا يقل مقدار إنش، احترام اكتسبه من تربية إيجابية ومحبة أيضًا
عاد للقصر وكانت تجلس في الحديقة الكبيرة التي تقابل البوابة، تجلس تنتظره وحولها وشاح كبير يبث لها الدفء، غالبها النوم رغمًا عنها لكن هو تمكن من رؤيتها ورغم غضبه من بقائها هنا إلا أنه يعرف الخطأ الأول مِن مَن، نزل من سيارته واعطى المفتاح للحارس ثم اتجه لها
حملها بين يديه وسار بها لمسافة طويلة حرفيًا فالقصر كبير بشكل مخيف، يحتاج لمواصلات داخلية من مساحته، دخل بها واتجه للجناح يضعها على السرير وخلع حجابها كذلك بدل ملابسها وعدل وضعها ثم اتجه للحمام يأخذ دش سريع وعاد يجذبها لحضنه
تململت في نومها وفتحت عيناها ببطء : أسد
رد أسد بنبرة حادة : جيت
نظرت له ثم قالت : أنا زعلانة منك اوي
ورفعت وجهها تُقبل عنقه عدة مرات هامسة : ومخصماك ومش هكلمك تاني و ..
ناد عليها بنبرة في بداية عصبيته : تسنيم
أعادت شعرها للخلف وهي ترفع نفسها قائلة بشقاوة : نعم!
وعادت تُقبل ذقنه فهمس بغيظ : منك لله
واختفى عصبيته وهو ينقض عليها ورغم انه كان كثير الغضب، عصبي بشكل جنوني، إلا أنها كانت طيبة القلب وتنسى بسرعة، تتجاهل ما يفعله في أغلب الأحيان، من طيبة قلبها كان سريع الندم..
فاق على صوت فهد وهو يقول : يا ماما والله زودتيها، أكل من ايدك ازاي!
عادت عشق تضحك وكانت آيسل قد خرجت إلى عملها، عشق ترفع النقاب كما هي والباب مُغلق وفي الطريق يأتي رعد مع شغف ابنته، وفي لحظة تم فتح الباب وأتى طبيب غريب وعشق تجلس ظهرها للباب
رفع فهد عيناه وانزل نقاب عشق سريعًا ثم صرخ : أنت اتجننت
تساءل الطبيب : في ايه؟ دا معاد فحصك و ...
رد ريان بغضب : لا دا جنان رسمي، أنت مش عارف إن ماما معانا في الأوضة
رد آدم وهو يقف بحدة : ومن الذوق تخبط على الباب
الطبيب بحدة : محصلش حاجة وبعدين هشوف ايه يعني!
وهنا سحب فهد إبرة المحلول والقاه ثم وقف وخبط الطبيب برأسه، عم الهرج والمرج في المستشفى ...
في حين رعد الصغير يقف في غرفته ويوبخ عشق على تأخيرها، اطلقت تنهيدة بسيطة وهي تبرر له وكالعادة من أبناء الشافعي لا يستمعوا سوا لأنفسهم
تحدث رعد بعصبية : يعني ايه أليس كانت عايزاني نعمل شوبينج، أنتِ مش عارفة إني معادي الصبح
ردت عشق بزفير : خلاص يا رعد مجتش من يوم
حرك رأسه بغضب واعطاها ظهره قائلاً : فعلاً مجتش من يوم، خلاص روحي شوفي شغلك يا عشق
مسكت ذراعه قائلة : انا مقصدش بجد، متزعلش مني بقى وبعدين جيت اهو ونبطشيتي مش هتبدأ الوقتي، هفضل معاك لوقتها
عبست ملامحه ودفع يدها بحدة ثم جلس يفتح ملف، بدأت تدور حوله تصالحه بشتى الطرق لكن رعد حين يغضب تنتهي الحكاية، صرخت بغيظ : يا رعد بقى أنت زعلك وحش اوي، كل ده عشان لسه جايه
رعد بضيق : اطلعي بره انا مشغول
رفعت وجهه قائلة بإبتسامة : مشغول عني؟
ظل يتأملها لوقت واتجهت تجلس في حضنه، حاوطت عنقه بيد قائلة : متزعلش بقى وخلي قلبك أبيض!
كان هذا رد فعل جريء منها وحاوط هو خصرها يتأملها، بدأ يقترب منها ولم تمنعه هي حتى وصل لمبتغاه وتخطى الموضوع أمر مجرد ارتباط، انتفضت مبتعدة حين استمعت لصوت طرق على الباب ولم يصدق هو ما فعله
وقف وفتح الباب وبقت هي في الحمام، أردف أحدهم : فهد باشا ضرب دكتور والمستشفى مقلوبة
رد رعد بتوتر واضح : جاي
في حين
كانت شغف تجلس في السيارة بجانب والدها الذي يقرأ شيء على التاب، رن هاتفها ونظرت للاسم سرعان ما توترت ملامحها برعب فإنه " غيث "، اغلقت الهاتف نهائي من التوتر ووضعه في الحقيبة
تساءل رعد بهدوء : غيث معاه رقمك منين يا شغف؟
هنا ابتلعت ريقها وهمست بخفوت : ممكن نتكلم لما نروح
اكتفى بهز رأسه ثم مد يده لها فاعطته الهاتف، قام بفتحه وفتح الرمز وبدأ يقلب في الشات بينها وبينه، كلام عادي لكن رعد نفسه لا يسمح به
اخرج الشريحة وكسرها ثم ألقاها من الشباك، مسح الواتس نهائي واعاده لها قائلاً : هجبلك شريحة تانية بليل
لمعت الدموع في عيناها ثم قالت : أنا اتوترت
مسك ذقنها ونظر لها قائلاً بحنية : الإنسان مش معصوم من الغلط بس البنت غاليه اوي يا شغف، أنتِ أغلى من إن اي واحد يوصل ليكي، حافظي على نفسك من كل النواحي يا شغف ومتسمحيش لحد يقرب
شغف ببكاء : أنا حاسه اني متقيدة يا بابا وخايفة، غيث كويس و ...
وضع إبهامه على فمها قائلاً بحدة طفيفة : متذكريش اسمه وأنا هكتفي بتحذير فاهمة؟
شغف بخفوت : حاضر
جذبها باتجاهه يحضنها ثم قَبل جبينها وداخله قرر التحدث مع عشق وتتولى هي الأمر، تظل بالنسبة له شغف فتاة والفتاة لا يليق بها نفس الاسلوب مع الشباب، غير ذلك شغف ليست على دراية كاملة بأمور الدين رغم حفظها للقرآن..
وصل للمستشفى واتجه إلى غرفة أولاده وجد آدم يمسك فهد الذي تنفر عروقه بشكل مبالغ، وهنا عرف أن الأمر يخص عشق، تراجع الجميع حين دخل رعد وأشار باتجاه ريان الذي أمر الجميع بالذهاب
وصل رعد الصغير مع عشق وهنا شعر رعد الصغير بانسجاب الدماء من جسده، وعرف حجم خطأه الذي فعله مع عشق حين رأى والده، مرر يده على وجهه وهو يخشى أن يعلم رعد حين ينظر له
صاح فهد بعصبية وهنا تحدث رعد بحدة : فهد!
نظر باتجاه والده ثم للأرض، نظر رعد باتجاه آدم الذي قص له ما حدث، عاد ينظر باتجاه عشق التي نظرت للأرض واردف : ريان خد مامتك وصلها لعربيتي وخليك معاها لحد ما انزل ليها
نظرت باتجاه أولادها وكالعادة تطلب بعيناها النجدة لكن الجميع يقف صامت، خرجت عشق مع ريان كذلك عشق الصغيرة وشغف واغلق رعد الباب
وقف آدم بجانبه أسد وفهد كذلك رعد كالأطفال المذنبين، نظر رعد باتجاههم واردف : أسد وآدم اطلعوا
لو لطم رعد الصغير على وجنته الآن لن يلومه أحد، منع كلاهما ضحكته وهما يخرجا ثم اغلقا الباب وضم أدم شفاه سرعان ما انفجر ضاحكًا كذلك أسد ضحك بخفة وجلس بتعب
تحدث رعد بهدوء ظاهري : الحادثة اللي أنا واثق إنها بسببك وبسببه
رد رعد الصغير بخفوت : وريان يا بابا
خبطه فهد بحده طفيفة فأكمل رعد بحدة : لو على قد الحادثة ماشي يا رعد بس اللي زود الغلط نعمله ايه!
تحدث فهد : يا بابا أنا مكنتش هضربه بس هو قل ادبه وقال محصلش حاجة وبعدين هشوف ايه يعني، استهون باللي عمله
رد رعد بعصبية طفيفة : الهمجية مش ليكم يا ولادي فاهمين؟ وعشق تخصني يعني الأمر يتحكى ليا وأنا اتصرف بناءًا على اللي هشوفه صح، هي مسئوليتي وانا هكتفي بتحذير يا فهد
واتجه أمام رعد الذي ازداد رعبه، حاوط وجهه يرفعه قائلاً : اغلط براحتك بس إياك وحدود ربنا، قولتها وبقولها ليك
رد رعد بخفوت : حاضر
تركه رعد ثم عاد خطوة للخلف قائلاً : الأمر مخلصش والنهاردة تيجي البيت يا أستاذ فهد طالما بقيت خفيف الحركة وشاطر وبتضرب وصحتنا بقت حلوة، سلام عليكم
رد الاثنان السلام وفور خروجه من الغرفة جلسوا على السرير بجانب بعض، تجمد آدم وأسد وهو يمر من أمامهم وفور ذهابه دخلوا واغلقوا الباب
نظر الشباب لبعض وضحكوا سرعان ما تحدث رعد الصغير : هو .. هو عرف أزاي إني ... يا نهار ابيض هو ازاي بابا كده بجد! بيعملنا رعب مش في الأفلام رغم انه عمره ما ضربنا ولا عاملنا بعنف ولا اي حاجة
رد آدم بمرح : ثبات ماما الإنفعالي انا بحيها عليه، مش أنا الكبير بتاعكم وعندي ابن كمان بس بفرح لما مش بتثبت معاه
مرر فهد يده على ذقنه قائلاً : عيب في حقنا اوي والله
ابتسم أسد بخفة قائلاً : فترة جوازي كنت لما بتشاكل مع تسنيم اقفل الباب علينا وادخل اقعد في اوضة وهي في اوضة عشان ميعرفش، كنت بتروق من ده!
أدم بضحك : أنا فاكر مرة عيطت بسببك قدامه وهو يومها مكلمكش بس وصلها لبيت عمي بسام وقعدها هناك عشر أيام ملمحتهاش
عادوا يضحكوا مرة آخرى وأتت شغف بعدما فتحت الباب قائلة : عملتوا ايه؟
صمت آدم وأسد وفهد وتحدث رعد بهدوء : ولا اي حاجة
في حين
عاد ريان عقب وصول والده للسيارة وسار عائد إلى غرفة اخواته، وفي طريقه اصطدمت فتاة بها وهنا اطلق زفير وهو يستغفر ربه ثم عاد خطوة للخلف، مرر يده على وجهه وكاد يذهب
تحدثت بلهفة : ريان هي شغف هنا؟ صحيح أنت عامل ايه؟ وخالتو عشق كمان؟ واخواتك؟
رد وهو يتحاشى النظر لها : الحمد لله، بتعملي ايه هنا؟
ردت بعفوية : ماما تعبت شوية وكانت بتعمل شوية فحوصات، أنت عارف بعد ما اختي الأخيرة ماتت وهي بقى قلبها تعبان، بس المستشفى هنا تجنن والله والتعامل حاجة قمة الذوق الصراحة
" رغاية "
هذا ما قاله في نفسه بزفير فأكملت بإبتسامة : هتقول عليا لكاكة صح؟ يلا روح شوف شغلك وكفاية مش هعطلك اكتر من كده
رد ريان بهدوء : لا العفو اكيد مش هقول كده، لو سمحتي
وأشار للفتاة التي تجلس بالاستقبال ثم أشار عليها : تبعنا عرفي الدكتور، عايزة حاجة؟
ردت بعفوية : سلامتك بس أنت تعرف أنا مين؟
طبعًا إن اقسم أنه يعرفها سوف يكون كاذب، تأملته قليلاً ثم ضحكت قائلة : والله توقعت، أنا سيلين
نظر باتجاهها فقط ما ميزه عيناها الزرقاء واشاح بوجهه سريعًا، أكملت متسائلة : عارف سيلين مين؟
عاد يستغفر ربه وقد شعر بالملل منها، صاحت شغف بحماس : سيلين
اتجهت سريعًا تحضنها بقوة والآخرى تضحك وهنا شغف نظر للاثنان ثم ذهب لغرفة اخواته، نظرت سيلين حولها لم تجده سرعان ما انفجرت ضاحكة
دخل الغرفة وجلس على طرف السرير متسائلاً : هي مين برسيم قريبتنا دي
نظر اخواته باتجاهه فاردف : اقصد سيلين يا ابني، هو في حد قريبنا اسمها سيلين
نظر الأخوات لبعضهم وهز رؤوسهم بالنفي فاردف رعد الصغير بتذكر : اة في يا ابني اخت يعقوب من امه، بنت زينة الحرباية
رد ريان بخبث : دا أنت مركز بقى مع كل البنات، شوية سيلين وشوية آيسل
هز رأسه بخفة قائلاً : لا سيلين ولا آيسل وحياتك، في واحدة تالتة بس لما يتفك نحس التلاتة اللي قدامي
وهنا تذكر أسد حديثه أمام الكل لعشق، تنهد قائلاً : يلا نجهز خلينا نخرج..
وقبل وقت في سيارة رعد
فتح أحدهم الباب الذي بجانبها ودخل رعد وبعده السائق وعم الصمت حتى عادوا، فتح باب السيارة لها فنزلت واتجهت للداخل سرعان ما صعدت لجناحها تخرج ملابس لها ودخلت الحمام
خرجت ودخل هو الآخر ثم خرج يصلي فاردفت بغيظ هامسة : هي دي صلاة ايه؟ استغفر الله العظيم
خرجت تجلس على طرف الكرسي تتأمله وهو يُصلي بخشوع، فتحت هاتفها وبدأت تُقلب في الانستاغرام سرعان ما تأملت رعد وابتسمت، كتبت :
" وإذا رأيت خشوعه أمام ربه، تمنيت ألا تكون الابن الضال له "
ظهر إشعار للشباب وبدأ كل واحد يقرأها وابتسموا إلا رعد الذي شعر بثقل غريب فوق صدره، انتهى رعد وجلس يسبح لوقت ثم وقف يطوي السجادة ثم جذبها لتقف
تحدث متصنعًا التفكير : فكريني انا قولت ايه على النقاب؟
ردت عشق بتوتر : ميتقلعش خارج حدود ساحة الحرب يا باشا بس والله هو ما شافني عشان ضهري كان للباب، أنا عملت حسابي عشان ميتفتنش بجمالي الخلاب
" عشق! "
ابتلعت ريقها ثم همست : أسفة
رد رعد بهدوء : انا بعديلك بمزاجي مش ذي ما أنتِ مفكرة تمام! وأنا بجد متضايق منك
لمع الخبث في عيناها وهي تقول : وأنا بجد بحبك
مسك فكها وهو يُقبلها ثم جذبها لحضنه يضمها بقوة، انفجرت ضاحكة وضمته بقوة قائلة بمرح : هفطسك في حضني الوقتي
زاد من ضمها قائلاً بمرح : تعالي نشوف مين الأقوى
رفعت وجهها له تُقبل وجهه كذلك هو وانتهى الأمر بالنسبة له..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
في بريطانيا
جلس بطلنا في غرفته يتأمل صورة تجمع عائلة رعد كلها، ورغم مرور عامين دون العودة لهم إلا أن ارتباطه اتجاههم لم يقل مقدار إنش واحد، مرر إبهامه على وجوه اخواته وتذكر أن الملل من فكرة الإنقسام بين منزلين جعلته يترك مصر كلها
الآن هو في السابعة وعشرون من عمره، ومنذ أن كان في الثامنة عشر مرات معدودة التي عاد فيها هناك، لكنه قرر قطع مواصلة السفر هذه بعد عدة أيام بأسبوعين هناك
وقف وبدأ يرتب أموره كلها كذلك يكثف عمله حتى يظل هناك دون طلب طوارئ، يتوق لرؤية أخواته وعلى رؤوسهم " رعد الشافعي الأكبر "
وهاا سوف يعود الأخ السادس لهم وهو " صقر عمار ".
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
ونعود إلى مصرنا الحبيبة
كالعادة لكل شخص نصيب وإلى حد كبير نصيبنا مشابه لبعضه البعض، جلس زاد أمامها يرفع يده وينزلها لأسفل لعلها تهدأ قليلاً، ما يجعله يستمر في هذه العلاقة أنها نسخة طبق الأصل من امه جايدا في غضبها وغيرتها وعصبيتها غير المبررة
تحدث بخفوت : خلاص الناس بتتفرج علينا
صرخت بجنون مرة آخرى : شوف بتبص ليك أزاي
انتفض بخفة ثم عاد ينظر حوله، والجميع كالعادة يتساءل كيف شاب هادىء جميل حنون مثل زاد، يخطب فتاة مثل تيا الشعنونة، وقف وسحب يدها ثم خرج فاردفت بضيق : عايزة اطفح
رد زاد باستغراب : أنتِ مبتتكسفيش
هزت رأسها بالنفي فأكمل : أنا غلطان وبعد كده نطفح في الشغل، وبعد كدة لحد الساعة تلاتة أنتِ السكرتيرة
تيا ابنة كرم بإبتسامة خافتة : أحنا بعد تلاتة يا زاد
أشار برأسه قائلاً : يلا هوصلك البيت واخلص يا شيخة، استغفر الله العظيم
اتجهت تجلس في السيارة وانزلت المرآة ثم عادت تصرخ بعدما ركبت : أنت مش حاطط وردة ليه؟
تساءل بغيظ : احط وردة فين يا تيا؟
اجابت بعفوية : المفروض تكون في المرايا واما انزلها تقع فوقي في حركة رومانسية وكده، هفضل اعلم فيك لحد امته!
أغمض عيناه لبرهة ثم فتحها قائلاً بهدوء ظاهري : تيا مسمعش صوتك لبكره ومترنيش عليا
حركت عيناها بعشوائية ثم عادت تنظر له متسائلة : أنت زعلت ليه؟
نظر لها وسألها بقلق : أنتِ التعامل معاكي بعد الجواز شكله ايه؟ لا والله عايز اعرف
ردت وهي تنظر للخارج : هقولك لما نتجوز ويلا سوق يا سواق
اطلق تنهيدة بسيطة ثم قال : يا بخته مرتاح والله
تيا باستغراب : هو مين ده؟
رد بغيظ : السواق، خطيبته مش تيا ..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
وفي المساء
أتى عائلة يوسف إلى منزل رعد تطمئن على الشباب، مع مرور السنوات تأكد رعد ويوسف أنهما الأقرب لبعض، وتأكدت عشق أن الأخت الحقيقية تعوضت في سيلا وأن الأولاد ليس لهم سوا بعض، مشترك بينهم ريان فقط لكن تعامل جميع الشباب في غاية الرسمية
جلست سيلا تتحدث مع عشق وكل واحدة تقول كل ما في بالها، ورعد مع يوسف في المكتب، الشباب سويًا وشغف مع جاسمين
تحدثت شغف بدموع : وطلع الشريحة كسرها ورماها بعدين لسه متكلمش معايا، أنا خايفة
ربطت جاسمين على فخذها قائلاً : متقلقيش، اعتقد انه هيخلي عمتو تتكلم معاكي هي
وفجأة تحدثت عشق بغيظ : بت يا زفتة ياللي اسمك جاسمين خدي هنا
وقفت واتجهت حيث عشق قائلة : نعم يا عمتو
ردت عشق بغيظ : عما الدبب يا بعيدة! بقى هتقولي لزينة ماما وانا لسه عمتو، يرضيكي يا سيلا؟
ردت جاسمين بعدم استيعاب : لا مينت معلش! زينة مين اللي اقولها كده، انا مامتي سيلا وبس وبعدين أم ماجد اللي يرحمها
عشق وهي تلوي فمها : في واحدة تتجوز واحد اسمه ماجد!
حركت جاسمين حاجبيها قاصده استفزاز سيلا وعشق قائلة : بحبه وبموت فيه وعاجبني
القت عشق وسادة في وجهها وتعالت ضحكاتهم، في حين اقترح الفتيات على بعض أن يلعبوا ملاكمة، وكالعادة اتجه واحد إلى المكتب يطرق على الباب، تحدث رعد : ادخل
دخل يعقوب قائلاً : بابا هنلعب ملاكمة، قولنا نعرفك
ابتسم رعد بخفة قائلاً : تمام بس بلاش فهد وأسد، وبراحة على بعض
أرسل قُبلة له ثم اخبر الشباب واجتمعوا في مكان مخصص للملاكمة، جلس فهد بجانب أسد كذلك ريان وآدم الذي يكتفي بالمشاهدة، وقف رعد أمام يعقوب وكلاهما يعشق هذا التحدي
بدأ كلاهما وكانوا يسعوا إلى عدم أذية الآخر، ابتسم فهد قائلاً : تيجي يا ريان
ريان بنفي معتاد : نو
تحدث آدم باستغراب : اشمعنا يا ريان!
رد ريان بإبتسامة : ميهونش عليا أأذي واحد فيكم بدون قصد يا أخواتي، او تأذوني عشان مش احنا اللي نأذي بعض حتى لو لعب
وقف آدم يطرق بيديه قائلاً : رعد يعقوب خلاص اقفوا، والله ما هنكمل عشان كلام ريان ده
يعقوب بغيظ : قولت ايه يخربيتك!
حاوط رعد كتفه قائلاً : آدم اصدر الفرمان خلاص، متعوضة يا صاحبي
وكالعادة يظل يعقوب الأقرب إلى رعد رغم المشاكل التي كانت بينهما في الصغر، ورغم أنه كان لا أحد يجرح يعقوب سوا رعد في صغرهم، ترى من سبب جرح رعد في كبرهم..
خرج يوسف مع رعد من المكتب واتجه يوسف بجانب سيلا يحاوط كتفها، لم تكن سيلا الشغوفة به والتي تبتسم بفرحة حين يضمها، لم يكن يوسف الذي يهتم لأمرها وقد تمكن الفتور من التدخل بينهم
تحدثت عشق بهدوء : صحيح أسد قالي النهاردة في المستشفى ادور ليه على عروسة
ردت سيلا بلهفة : بجد!
لم يعجبه رعد هذه الخطوة لكن عشق تسعى لها، لذلك ترك لها زمام الأمور كلها وداخله يقول أن أسد سوف يعود لنفس النقطة، تحدث يوسف : طب ما دي خطوة حلوة بس هو عادي حد يتجاوز الحب الـ .. حقيقي
سيلا بسخرية : الأول تقصد
هز رأسه بالنفي واردف رعد : الحقيقي عشان كده مش شايف إن جواز أسد حاجة غير ظلم لواحدة جديدة
عشق بلهفة : لا يا رعد بالعكس هينسى وبكره ربنا يرضيه بعيل ينسيه لو منساش بيها، بس اكيد هيحبها لأن ربنا ميرضاش بالظلم
رفعت وجهها وجدت أسد أمامه يبتسم بخفة، دخل هو والشباب إلا غيث الذي لم يأتي خوفًا من رعد وقرر الاطمئنان أولاً من جاسمين، بدأ الجميع يتحدث باندماج ثم وقف أسد
تحدث بإبتسامة : عن اذنك يا خالي انا هروح ارتاح شوية، طبعًا مش محتاج اقولك البيت بيتك
يوسف بإبتسامة : اتفضل يا حبيبي، وأنت يا فهد قوم ارتاح
أشار فهد له غامزًا : لا انا مية مية
وكالعادة ومن عادة فهد انه لا يتألم بسهولة، لا يقول تعبت إلا حين يفقد القدرة الحرفية على اي شيء، بينما دخل أسد جناحه وبدل ملابسه ثم جلس على طرف السرير يحضر صورة لها وله
وهنا تذكر حين يأتي لهم ضيوف ويفر لجناحه ثم يغمز لها حتى تلحق به، وذات مرة لم تأتي خلفه فهي تحب التجمعات هذه والضيوف والضحك، هي عفوية مرحة تعشق الحياة الممتلئة بالبشر
يومها كانت تجلس وتضحك مع الفتيات وتتحدث مع ليلة باندماج، تحدثت ليلة : أسد راح جناحه
أشارت تسنيم بلامبالة قائلة : ما يروح وأنا مالي، انا ميته في القاعدة دي لحد ما آخر فرد يمشي
لم تسيطر ليلة على ضحكتها ثم همست لها : هو أسد لما بيتعصب وبيجيب أخره بيعمل ايه؟
تسنيم بمرح : بيعمل مقموص وأنا بعمل مقموصة والبقاء لله مع إن والله يبص في عيني من هنا مش بيبقي في بقاء أصلاً
عادت ليلة تضحك ثم قالت : هو بيحبك اوي
اجابت تسنيم بمرح : وأنا بعشق امه
وجدت ليلة تنظر باتجاه هاتفها ثم ارتها إياه فوجدت رسالة فيها :
" خلي تسنيم تيجي يا ليلة الجناح، وتشوف فونها فين "
اخذت تسنيم الهاتف ثم القته دون اهتمام قائلة : مش هقوم برضو واعملي نفسك مشوفتش مسدجات
تحدثت نور بمرح : بتتكلموا في ايه؟
ليلة بضحك : حاجات متجوزين لما تكبري هنقولك عليها
تسنيم بمرح : تقصد خبث متجوزين هنقولك عليه برضو
ابتسمت نور ورغم المشاعر التي تولدت معها وتطورت مع مرور الشهور لكنها تشعر بالمحبة اتجاه تسنيم وتضع ألف عذر لأسد وسبب لعشقه لها، تسنيم فتاة ساحرة تعمل على خطف القلوب فقط
خرج أسد من الجناح بغضب واضح واتجه يبحث عن خادمة، وجد واحدة واردف : ادخلي قولي لتسنيم اني واقف وعايزها
هزت رأسها باحترام ودخلت تخبرها لكنها عادت تتجاهل، جز على أسنانه وهو يتجه للخارج ولمحته هي، وقفت سريعًا واتجهت للجراش تمسك يده قبل أن يفتح باب السيارة
دفع يدها قائلاً بغضب : ارجعي ليهم يلا
تسنيم بضحك : أنتِ اتقمصتي يا بيضا
دفعها قائلاً بعصبية : امشي يا تسنيم روحي ليهم، بتعاندي في مين هاا؟ مبسوطة وفخورة بنفسك اوي
شهقت بخفة ولمعت الدموع في عيناها ثم قالت : أنا بهزر معاك وبعدين أنت عارف أني بحب لما بنتجمع
قبض على فكها بعصبية صارخًا : وطلبت سيادتك يبقى تسمعي الكلام ولا تطنشي، هو أنا متجوزك ولا مجوزك ليهم ردي عليا!
اجهشت بالبكاء ودفعها، كاد يركب سيارته لكنها سحبت المفاتيح قائلة ببكاء : متمشيش كده لو سمحت! تعالى واهدى جوه بعدين روح مكان ما تروح
ولم تتحرك إلا حين اتجه للداخل وتأكدت أنه لن يقود في وقت عصبيته المفرطة، عاد يجلس مع الشباب وقد ظهر على ملامحه ما مر به لكنها كانت في جناحها تبكي بانهيار
اتجهت ليلة تبحث عنها واستغربت حين وجدت أسد مع الشباب، عادت لجناحه وجدتها تبكي بصوت عالي ودون انقطاع، تحدثت بلهفة : تسنيم مالك يا بنتي؟ تسنيم أنتِ وشك معلم من هنا ليه؟
ومسكت فكها سرعان ما شهقت تسنيم وهي تدفع يدها واخبارتها ما حدث ببكاء، تحدثت ليلة بحدة : قومي بجد امشي متقعديش ليه دا همجي وحيوان
عادت تبكي وهي تهز رأسها بالنفي وهنا رنت ليلة على رعد، رد : ايوة يا لولة
ردت ليلة بضيق وهي تتأمل تسنيم : تعالى يا بابا لو سمحت جناح أسد
استمع إلى صوت بكاء تسنيم واتجه للجناح، تحدثت ليلة مع رعد بانفعال واستمع لها ثم اتجه حيث تسنيم يجذبها، مسك ذقنها يدير وجهها ولمع الغضب في عيناه
تساءل بهدوء ظاهري : ضربك؟
تسنيم بلهفة وبكاء : لا يا بابا والله هو مسكني بس، بعدين أنا ضايقته وليلة كبرت العمل صح يا ليلة؟
أشار رعد لليلة قائلاً : ساعدي تسنيم تلم شوية من هدومها، واطلعي يا تسنيم في الاوضة اللي جنب الجناح ومتخرجيش منها خالص
نظرت في أرجاء الجناح فأكمل بحدة طفيفة : تسنيم ذي ما بقول وهاتي تليفونك كده
اعطته له فقام بإغلاقه نهائي وأشار لها، خرج وجلس وسط الرجال وليلة مع الفتيات، تحول حزن تسنيم إلى قلق من رد فعل أسد الذي ما إن وصل للجناح جن جنونه وبدأ يصيح بغضب
خرج يبحث عنها ويحاول الرن عليها، وقف رعد خلفه قائلاً : تليفونها مقفول ومش في بيت أهلها يا أستاذ
نظر أسد باتجاهه بقلق واردف بهدوء : هو ايه اللي حصل؟
رد رعد ببرود : أسأل نفسك وعرفني، ما أحنا بنجيب بنات الناس من بيوت اهلهم عشان نمد ايدنا ونطلع عفاريتنا عليهم، ارجع اوضتك وتنساها لحد ما تتربى وتعرف أزاي تعامل مراتك وعصبيتك دي على نفسك مش على حد
رد أسد بتوتر : بس يا بابا أنا ...
رعد بحدة : أسد خلص الكلام..
وكالعادة لا نقاش أمام رعد وعاد أسد إلى جناحه يحاول كبت غضبه وهو يحاول الوصول لها لكنه لم يتمكن، من فرط غضبه اتجه للجيم وبدأ يفرغ ما بداخله
أسبوع كامل
لا ينام طوال الليل بسببها فهو اعتاد على قربها وحضنها، حرم عليها البيات في منزل والدها بسبب هذا الأمر والآن هو مُعاقب ولا يجرؤ على النطق فهو إن تمرد كان من نصيبه عشر أضعاف المتوقع
تجمع مع عائلته وكالعادة رعد يتجنب الحديث معه كأنه يزيد عقابه أضعاف، تحدث آدم بخفوت : اتربيت ولا لسه؟
مرر يده على وجهه ولم يجب فاردف رعد الصغير بخبث : يعني عمو بسام مسافر شهر هو وعيلته وواخد إجازة
اتسعت أعين أسد واردف بصدمة : شهر! لا شهر ايه؟ هي تسنيم معاهم؟
تجاهل رعد الكبير الرد واردف : أيوة مسافر هو وبناته و ...
ضمت عشق شفاها حتى لا تضحك ووقف أسد قائلاً بلهفة : لا يا بابا بالله عليك متعملش كده، شهر كتير اوي والله دا أنا من اسبوع حاسس اني هتجلط
ردت عشق بلهفة : بعيد الشر عنك يا حبيبي متقولش كده، كفاية يا رعد
رمقها بنظرة جعلتها تعيد ضم شفاها وهمست بخفوت : أنا متكلمتش أصلا براحتك
حاوط كتفها يُقبل جبينها ثم قال : قولي لو اتعاد اعمل فيك ايه؟
رد أسد بحزن : انا عصبيتي مش في ايدي بس والله هسيطر عليها، رجعها وبلاش تسافر
لم يجب وتحدثت عشق بغيظ : أنت بتتعامل معاه كده ليه؟ يعني أنت مكنتش بتزعلني
رفع رعد حاجبه باستنكار فأكملت : احم هو أنا كنت ... بس برضو دا مش مبرر ليك على فكرة، كلكم واحد
رفع ذراعه عن كتفها فاردفت بضيق : شوفت اتقمصت مني اهو عشان بس مفيش حد يعمل اللي بتعمله مع تسنيم، لا أب عايش ولا حما موجود
تمكنت من جعل رعد يغضب من ذاته ويحزن، حاوط وجنتها يُقبل الأخرى وهمس لها : مقصدش، أسف
مسكت يده قائلة بإبتسامة : رجع تسنيم بقى عشان خاطري
نظر باتجاه أسد الذي يتأمله بتحفز وخوف، تحدث رعد بهدوء : انا قولتلها تسافر مع اهلها وملهاش دعوة بيك حتى لو أسبوع بس هي قالت مش هتعرف تسيبك ولا تزعلك اكتر، مراتك عاملالك خاطر وأنت معندكش دم
نظر للأرض بحزن فأكمل رعد : المرة الجاية اصعب وأنت حر
رن عليها حتى تنزل من الغرفة التي كانت ذو باب لا يعرف عنه شيء سوا رعد وعشق، دخلت الصالون والتفت أسد لها واتجه يضمها ويُقبل يدها وجبينها هامسًا : أنا أسف يا حبيبتي حقك عليا
ردت تسنيم بحزن : أنا أسفة يا أسد والله ليلة اللي قالت لبابا، انا مقصدش ازعلك مني ولا ابعد عنك كل ده، متهونش عليا
وإن عاش أسد عمر كامل يبحث عن قلب يشبه تسنيم لن يجد، وإن عاش يبحث عن حب كحبها لن يجد، تسنيم هي واحدة وقامت بالوصول لمرحلة لا يمكن لأحد غيرها الوصول لها
تسنيم تظل تسنيم والقهر من فراقها لن يقل، تنهد أسد وهو يعود للخلف ويضم صورتها قائلاً : ربنا ما يكتب قهرتي عليكي على حد يا تسنيم
وأغمض عيناه وفجأة شعر بها في أحضانه، همست له : وحشتني
لم يكن يعلم انه يتخيلها من كثرة اشتياقه لها، شعر وكأنها واقعية في حضنه في حين تجلس نور في غرفتها تفتح هاتفها على صوره له، تسنيم كانت العائق بينها وبينه والآن انتهى ذاك العائق وأتى مكانه عشق اكبر من تسنيم نفسها تولد تجاهها
متى سوف ينتهي كل هذا؟ متى سوف تصبح له وهو لها؟ متى سوف تقول تسنيم كانت فترة فقط؟ انهمرت دموعها وهي تغلق الهاتف ثم وضعته ونامت..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
والآن نتجه إلى منزل محمد وزينة
من زوجته الأولى التي توفاها الله انجب فتى يدعى ماجد، شاب يشبهه في شكله واخلاقه، وبعده فتاة تدعى ميار وهي فتاة مغرورة عنادية ما ترغب فيه تصل إليه بالقوة، وانتهى الأمر بسيلين تلك الساذجة الثرثارة وكانت فتاة نمشاء جميلة حنونة تحب صديقاتها شغف، وشادن ابنة عمار
جلس محمد يحاوط كتفها قائلاً : كملي يا سيلين وقالك ايه تاني؟
حركت كتفها قائلة : مقالش يا بابا هو بس غير العلاج وشكرًا، قولي أنت بتابع السكر صح؟
مرر يده على وجنتها يُقبل جبينها قائلاً : خير الدنيا كله اتحط فيكي يا سيلين
ابتسمت وهي تقبل وجنته وبدأت تتحدث شات مع صديقاتها ووالدها يتابع، في حين تجلس زينة في غرفتها وأمامها ثلاثة صور لثلاثة فتيات الأولى
" أمنية وقد توفاها الله وهي في سن الثالثة إلا شهرين غرقًا
والثانية زينات وقد توفاها الله في سن الثالثة وشهر بسبب مرض
والثالثة دموع وقد اختفت في سن الثالثة ونص عقب حادث سير كما يُقال "
أخذت من يوسف فتاة واحدة وسلبها الله ثلاثة ولم تعترف بذنبها، مرضت بالقلب من الحزن على فلذة كبدها ولم تعترف أيضًا بذنبها، لم تأتي سيلا لها وتخبرها انه ذنبها كما فعلت زينة بها
تذكرت ذات يوم منذ اربع سنوات ونص حيث كانت تقف تشتري شيء من محل، أتى رجلاً وقف بجانبها واردف : ورغم إن عدى اكتر من تلاتشر سنة لسه قادر اميزك
نظرت باتجاهه وانتفضت مبتعدة قائلة : أنت!
رد الرجل قائلاً : أيوة انا الراجل اللي بعتي ليه بنت يوسف الشرقاوي بميت جنية على أساس بنتك
شهقت بصدمة فأكمل : والوقتي البنت عايشه في شقة قدام شقة يوسف ولو عرف مش هيتردد يقتلني وأنا مش هموت لوحدها
ردت زينة ببرود : ولما أنت عارف إنها بنت يوسف مرجعتهاش ليه؟
ابتسم بخبث قائلاً : البنت كانت تستاهل المجاذفة وما زالت، ولما شوفت أمها عرفت إن الحكاية فيها كيد نسا
توترت ملامح زينة فأكمل : مليون جنية واسكت
ضحكت زينة ساخرة ثم قالت : لا اتكلم بس يا ترى يوسف هيعطيك فرصة تتكلم، وغير كده انا ورايا جوزي هيحميني عشان سيلين ودموع بناتي إنما أنت ليك مين؟ أعلى ما في خيلك اركبه
وتركته وغادرت بتجاهل فاردف بانفعال : أنا اترميت في الحفرة بسببك، وصدقيني مش هرحمك
وبعد عدة أيام
أتى لها خبر فقدان ابنتها في حادث، حيث كانت مع محمد والدها وحدث لها ذاك الحادث وانتقلت للمستشفى، وعقب اختفائها اخبر زينة بهذا وبدأت تعيش على أمل لقاء صغيرتها المتوحدة
وهذا كان عقاب زينة المستمر ولم تكن تعلم أن سامي هو من خطف ابنتها، ووضعها مع ابنة يوسف، ليعيد القدر نفسه وتكون قريبة مثل آيسل وبعيدة كل البعد عن أهلها ..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
في منزل يوسف تحديدًا شقة سيليا
جلست عشق على السرير تحاوط قدميها وآيسل تتمدد على السرير رأسها على قدم عشق التي تلعب في شعرها بيد والآخرى تمسك الهاتف، أرسلت أكثر من رسالة إلى رعد لكنه يتجاهل فبدأت تُقلب في الانستا وتنتظر
تساءلت بتذكر : صحيح سحاب تعرف انك بتتكلمي؟
تذكرت آيسل جلوسها مع يوسف الذي كان يتحدث عن عمله بانشغال، وفجأة قال دون مقدمات : آيسل عايز اسمع صوتك
ابتسمت بخفة ولم تتحدث، وقف قائلاً : تصبحي على خير
ظلت تتأمله حتى اتجه للباب ثم قالت : عمو يوسف، وأنت من اهله
وهذا تاني سبب يعيد لها صوتها ألا وهو حنية يوسف، حنيته وحنية زوجته عليها، عادت من تذكرها قائلة بنفي : لا وسيبك أصلا هي كده خافه شوية على أساس يرجع صوتي
فتحت دموع الباب وانتفضت آيسل ظنًا أنها سحاب لكنها عادت تهدأ، فتحت آيسل ذراعيها لها واتجهت دموع تتمدد في حضن آيسل التي قَبلت جبينها قائلة : حلمتي بكابوس ولا ايه؟ خلاص يلا نامي انا جنبك
أغمضت دموع عيناها مرة آخرى ونامت، تحدثت عشق بمرح : حضنك سحر، يا بختك يا فهد يا ابن خالتي
ابتسمت آيسل قائلة : أنتِ متخيلة مبصش ليا بصة واحدة، تعرفي يا عشق أنا كان نفسي اكون منكم اوي، بنت عمو يوسف مثلاً يا نهار ابيض واستخبى من وجع الدنيا في حضنه، بحسد جاسمين عليه بجد! وكنت هبقى بنت خال فهد ويحبني ...
ردت عشق بمرح : تكوني سيليا تقصدي
ردت آيسل بلهفة : يا ريت، يا بختها والله بكل حاجة، الواحد حظه مايل ومن يوم ما وعى بيشرب المر، ببقى نفسي في حاجات كتيرة ومن كتر منا بقضي شغفي في تعب للوصول ليها، اول اما بوصل مش بحس بطعمها، نفسي أجرب إن كل حاجة تيجي سهلة يا عشق، نفسي أبقى محظوظة لدرجة اليق بعيلة فهد
انحنت عشق تُقبل جبينها ثم قالت : يا آيسل تسنيم مكنتش ...
قاطعتها آيسل قائلة : تسنيم كان وضع ابوها احسن مني، انا يا عشق مش قادرة اتخطى عيوبي ولا إحساس النقص اللي جوايا، فهد وسط اخواته نجمة بعيدة اوي ويستاهل واحدة ...
صمتت ولم يتمكن قلبها من نطقها لكنها تعرف جيدًا ما ستكون عليه زوجة الفهد، تعرف أنها تحلم وحلمها سوف يستمر كحلم لا أكثر، لم تبني عشق لها الأمل لأنها تتوقع نفس الشيء وتعرف أن فهد لن ينظر إلى آيسل وسوف يظل مجرد حلم ..
اطلقت عشق تنهيدة بسيطة ثم قالت : انا عملت حاجة قليلة الأدب النهاردة وعماله ببعت لرعد مش بيرد
آيسل باستغراب : عملتي ايه؟
قصت لها ما حدث وضحكت آيسل قائلة : يخربيتك دا حرام
أشارت عشق على رأسها : أنتِ هتشتغلينا، يعني الاحضان اللي بينا وبوس الخدود مش حرام ودا حرام! اتقي الله
انفجرت آيسل ضاحكة ثم صمتت واردفت بتفكير : عشق
عشق بتنهيد : يا نعم
آيسل بهدوء : هو رعد يعرف إنك كنتِ مرتبطة بيعقوب سنة كاملة؟
سقط قلبها بين قدميها واردفت سريعًا : لا ومش عايزاه يعرف يا آيسل، رعد بيحب يعقوب اوي ودا هيبقى مشكلة بينهم خصوصًا إن رعد دماغه يابس، كمان هو مفكر انه اول واحد اكلمه وكده وأنتِ عارفة تفكير الشباب
آيسل بحزن : بس دا كذب ولو جات منك أسهل واهون ما تكون من حد غريب
ردت عشق بضيق : مفيش حد غريب يا آيسل وبالله عليكي ما توتريني، بكفاية أصلا بيبرس لو عرف اللي بعمله هيموتني ويموت رعد ويعقوب
وضعت آيسل يدها على فمها بمعنى لن تتحدث، انحنت عشق تُقبل جبينها ثم قالت : أنتِ اتكلمي وقولي اللي عايزاه، أنتِ الوحيدة المسموح ليكي يأنبني ويعلق على تصرفاتي
آيسل بإبتسامة : بحبك...
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
كدة الفصل الحادي عشر خلص
بقلمي / سماء أحمد
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★