أخر الاخبار

عشق الرعد الجزء الثالث الفصل السادس وعشرون

عشق الرعد الجزء الثالث الفصل السادس وعشرون



الفصل السادس وعشرون


" أنا نجحت "
هذا ما قاله الصغير لوالده وقبل وقت بدأ كلاً من عمار وزياد ورعد ينهي العملية، فجأة ساء وضع عشق وببراعة سيطر رعد على الوضع، تولى أمر والدته الكامل وحده وأثبت انه بحجم زياد وخبرته وعمار وخبرته، كلاهما تساعد في أمر وهو تولى أمر كامل


ابتسم زياد قائلاً : مبروك، انقلوا المدام عشق ومدام آيسل للعناية المركزة بسرعة


وقفت عشق الصغيرة تنظر حولها وهنا جذبها رعد الصغير لحضنه، مسح دموعها وجذب الماسك الخاص بها كذلك هو وعاد يضمها، الجميع خرج خلف بعضهم وشهقت حين قَبلها ثم ابتسمت وهي تبادله


لم يرى ايًا منهما تلك التي تتابع، ابتسم رعد الكبير قائلاً : الحمد لله


يومان مروا وكلاهما ما زالت غافية، الجميع يتردد على غرفة عشق وأحيانًا آيسل الوحيدة اليتيمة التي لا حول لها ولا قوة، منعت عشق الصغيرة دخول أي أحد لها حين فاض بها


خرجت تحضر بعض القهوة وجدت رعد الصغير أمامها، اردف بحدة : أنتِ فين؟


ردت عشق بهدوء : في اوضة آيسل


رعد بانفعال : يعني ينفع في المستشفى أربعة وعشرين ساعة ومحدش بيشوفك قدام اوضة ماما حتى


عشق بلهفة : بروح اطمن عليها على طول والله يا رعد بس أنا قاعدة جنب آيسل عشان محدش جنبها


تجاهل الرد وكاد يذهب لكنها مسكت ذراعه قائلة : رعد استنى، متزعلش مني بس وأنا والله كل اما بروح بلاقي حد هناك إنما آيسل محدش عبرها ولا حتى أخوك، ووضعها مش كويس وأنا خايفة عليها وهي ملهاش حد غيري، لا اب ولا ام ولا أخ وأنت عارف إنها اقرب ليا من نفسي


بدأت تبكي مرة آخرى، مكملة : أنا خايفة عليها اوي يا رعد


حاوط وجهها يمسح دموعها قائلاً : متخافيش والله هتبقى كويسة، أنا هروح اشوف وضعها بس الأول اصالح صاحبتها اللي زعلت مني


مسكت يديه قائلة : أنا مبزعلش منك


نظر حوله ثم قال : بس أنا مُصر إني أصالحك بقى، تعالي هقولك كلمة سر


نفت برأسها وهي تعود للخلف قائلة : مش وقته


حاوط خصرها يذهب بها قائلاً : لا وقته ونص وتلت أربع، يلا بس كلمة على السريع وارجعي مكان ما أنتِ عايزة


لأول مرة تضحك هكذا ثم اتجه للمكتب معها، دخل فهد غرفة آيسل بعدما رأى أخاه يأخذ عشق، كان هناك ماسك يخفي وجهها محترم خصوصيتها، ازاله يتأمل وجهها ثم انحنى يُقبل جبينها، همست بتعب : فهد


قَبلها برقة ثم همس : نامي


ابتسمت وعادت تنام وكأنها في حلم جميل، مسك فهد يدها قائلاً : أنا عارف إنك مني يا آيسل، بس صدقيني أنا مفيش جوايا حاجة اديها ليكي، مش أنا الصبور اللي يغيرك ولا الكويس اللي يعوضك


أخفى وجهها الذي هو مِلك له وخرج، جلس أمام غرفة أمه يرن على زوجة رياض التي أجابت : سلام عليكم، ازيك يا حضرة الظابط


رد فهد بهدوء : الحمد لله، محتاجين حاجة ابعتها ليكم؟


أجابت بتنهيد : لا تسلم مش محتاجين حاجة


كان رده مقتضب : تمام


أغلق الخط ثم جلس والده بجانبه قائلاً : يحصل ايه يعني لو قعدت شوية في اوضة مراتك؟ دي مراتك على فكرة


مرر يده على وجهه ثم قال : أنا مش عايزة أكمل في الجوازة دي يا بابا، أنا عايز انفصل عنها


أعاد رعد ظهره للخلف قائلاً : قادر على ذنبها اتفضل يا فهد بس عايزك تعرف أنا قبل ما قولتلك الرجال قوامون عن النساء وإن المرأة عورة قولت رفقًا بالقوارير وقولت استوصوا بالنساء خيرًا وقولت ما اكرم النساء إلا الكريم ولا اهانهم إلا اللئيم، انا علمتكم إن الدين يسر وليس عسر، أقولك على حاجة يا فهد


رد فهد باحترام : اتفضل يا بابا


أكمل رعد بحزن وخزى : أنا كنت فرحان اوي إني بجيب ولاد من عشق، فرحان إن يوم ما يحصل مشكلة هيربطني بيها الطفل وكنت بسعى سنين حياتي كلها إنكم تكونوا سبب من أسباب سعادتها


في هذه اللحظة أتت شغف مع ريان ورعد الصغير، وخرج أدم وأسد كأن الله ارسل خمستهم ليسمعوا ما سيقوله رعد، اردف : مكنتش أعرف إنكم في يوم هتكونوا سبب تعبها، قولت تفرحوا عشان تفرح بس كان فرحكم وجع ليها ولقلبها، الحمد والشكر لله على كل حاجة بس واللهِ إني كنت هكتفي بأمكم بس ولا اشوفوها في المستشفى كده ... البنون زينة الحياة بس أنا زينتي أمكم ولو كنت سبب في نظرة حزن أنا على أتم استعداد اسيب ليكم كل حاجة واخدها ولا اخلي واحد فيكم يلمحها


رد ريان بحزن وكاد يبكي كالطفل : هو أنا عملت ايه؟ حضرتك دايمًا تاخدني بذنب الباقي، دا أنا باخد إجازة اكتر ما بشتغل عشانها ولا هلمح طيف ترقية أصلاً


وقف رعد واتجه للداخل فاردف رعد الصغير : على أساس أنت الابن المطيع الفتان، عملت ايه؟


وقف فهد قائلاً : بص لنفسك الأول قبل ما تتكلم


ثم عاد ينظر باتجاه شغف : وأنتِ كمان يا شيخة أنا مش عارفة أنتِ دعوة مين


ونظر باتجاه أسد قائلاً : يا اخي أنت النظرة في وشك تجيب اكتئاب من غير حاجة


اتجه ريان للداخل يضم والده من الخلف قائلاً : طيب أنت زعلان مني أنا ليه؟ أنا والله أعيش خدام تحت رجلك أنت وماما ولا اشوفكم زعلانين لحظة


ربط رعد على كتفه يُقبل جبينه قائلاً : ربنا يرضى عنك ويرضيك


فتحت عشق عيناها ببطء وهي تحرك أناملها، همست باسم رعد، رفع ريان عيناه قائلاً : ماما فاقت يا بابا


رفع رعد عيناه بلهفة ثم مسك يدها، ابتسمت بخفوت قائلة : فرحت إني شوفتك أول حد


قَبل يدها ثم جبينها ووجنتها، ابتسمت وهي تجده يُقبلها برقة، اتسعت أعين ريان وخرج لأخواته، تحدث آدم : بابا قالك ايه؟


رد ريان بزهول : ابوك طلع بيبوس عادي يا أخي، لأول مرة يعملها رعد الشافعي قدام حد من ولاده وعملها واحنا ما شاء الله رجالة


ضربه آدم على عنقه ثم دخلوا خلف بعضهم البعض، ابتسمت عشق وهي تتلقي قُبلة على جبينها ويدها من كل واحد، نظرت باتجاه شغف قائلة : ما تجيبي حضن دا أنتِ والله وحشتيني


اتجهت شغف تبكي بانهيار ومسك يد عشق تُقبلها عدة مرات، همست لها : آسفة، أنا آسفة يا ماما والله ما اعرف عملت كده إزاي، حقك عليا يا ماما


عشق بإبتسامة : المهم إنك جيتي ليا يا حبيبتي، آيسل فين؟ وعاملة ايه؟


تحدث فهد بهدوء : كويسة، هي لسه مفاقتش فوقة كاملة بس اتكلمت


نظر الجميع له بخبث وضحكت عشق قائلة : طيب يا رعد هي مفاقتش ليه؟


رد رعد الصغير بحزن : العملية كانت صعبة عليها وحصل تغيرات في جسمها، والمسكنات تركيزها قوي كمان


ظهر الأسف على ملامحها، اتجه فهد يهمس لها : متقلقيش اديت سندريلا بوسة هتخليها تصحى


ابتسمت عشق وبدأ رعد يفحصها سرعان ما أتى يوسف والجميع، بدأ وضع عشق يتحسن بسرعة شديدة وشغف بجانبها لحظة بلحظة، عشق الصغيرة تمنع الجميع من الدخول لآيسل وتجلس بجانبها


حاول فهد فتح الباب وجده مغلق، طرق قائلاً : افتحي


ردت عشق بحدة : مش فاتحة، لسه فاكر تشوفها


رد بحدة : افتحي


لم تفتح فاتجه يحضر مفتاح بينما تململت آيسل وفتحت عيناها، ابتسمت بخفة قائلة : عشق، فهد فين؟


ردت عشق بغيظ : استغفر الله العظيم، اجبلك كرامة منين؟ أنا تعبت منك والله العظيم، اتقي الله


ضحكت آيسل بخفة وفتح فهد الباب، نظرت له وهو لها ثم قال بهدوء : حمدلله على سلامتك


آيسل بإبتسامة : الله يسلمك، تسلم من كل شر..


هذا الحوار الذي حدث فقط، توالت الأيام على الجميع وبدأت كلاهما تتحسن تحسن تام لكن الفرق أن آيسل كلما تناول بعض الطعام تستفرغ، عشق بجانبها تتحمل ثقلها كله وأتت لها تسنيم التي لم تخلع النقاب نهائي


تحدثت عشق : نيمو تخليكي جنب آيسل عما اطمن على ماما؟


هزت رأسها بتأكيد قائلة : طبعًا روحي


جلست تسنيم على السرير أمامها قائلة : امتحاناتك قربت، جاهزة؟


مسكت رأسها قائلة : أيوة الحمدلله، ربنا يستر بس ومطلعش بكحك


ضحكت تسنيم وأكملت آيسل : ماما عجبتيها اوي، للأسف ريان صغير عليكي وإلا كانت جوزتك


ردت تسنيم بإبتسامة : منا متجوزة يا بنتي


آيسل بزهول : احلفي بالله


ضحكت تسنيم مؤكدة برأسها واردفت : بس مش جواز كامل، يعني احنا شبه منفصلين بدون طلاق رسمي، هو اصلا متجوز ومستني نونو


آيسل بحزن : هو الخسران، معقول يا نيمو حد يسيبك، منه ولا من أهله؟


شردت قليلاً ثم ابتسمت قائلة : هو طيب اوي وحنين وقلبه أبيض، عيبه أنه عصبي


آيسل باندماج : بيضربك يعني


هزت رأسها بالنفي قائلة : لما خلاص بيجيب آخره بيكسر تليفوني، ويشتري ليا واحد جديد بعدها، كان بيزعق وممكن يكسر الدنيا وأحيانًا يمسك دراعي صعب لما خلاص بقى هيتجنن مني ولما اعيط ينسى كل حاجة، كان بينا عشق، وأهله كانوا طيبين اوي، مامته دي يا نهار ابيض سكر يا آيسل وحنينة وتلاقيها بتعاملك ذي ما تكوني صاحبتها


ردت آيسل بعفوية : ذي ماما عشق؟


تسنيم بعفوية : هي نفسها .. احم اقصد ذيها بالظبط وحمايا كان يا نهار حنية، والله كان أحن من بابا عليا وفي صفي على طول


تحدثت آيسل بزهول : طيب عماتك؟ ما اكيد في سبب


لمعت دموعها وحركت كتفها قائلة : قولي النصيب بقى


شعرت آيسل بالحزن اتجاه القصة الجميلة ذات النهاية التعيسة، تحدثت بحزن : فعلاً مفيش حاجة كاملة، يعني فهد بارد المشاعر وبيقولي كلام .. كلام وحش اوي يا تسنيم، مش عارفة مستحملاه إزاي بس أنا بعشقه، انا ملقتش ضهر ليا في عز حاجتي إلا فهد، في يوم كانت كل حاجة هتضيع لقيته هو اللي ...


رفعت عيناها وجدته على باب الغرفة، نظرت تسنيم ثم استأذنت وخرجت تغلق الباب خلفها، جلس أمامها فاردفت بإبتسامة : ماما عاملة ايه؟ انا روحت اشوفها الصبح بس مش عارفة اقعد معاها في اوضة واحدة


رفع نقابها فأكملت : عامل ايه؟ طمني عليك


رد فهد بهدوء : هنخرج النهاردة بإذن الله


اكتفت بهز رأسها وظل وقت معها صامت فانحنت لحضنه، اقترب منها وبدأ يمسد على وجنتها وذراعها وشبكت أناملها مع أنامله تنام بعمق


عدل وضعها وجلس على كرسي بجانبها يسند رأسها بجانب رأسها ونام هو الآخر..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


بدأت الأيام تمر وعاد فهد لعمله مرة آخرى بحجة أن له عملية لكن الحقيقة أنه أمر آخرى، حمل ابن رياض واتجه للمستشفى به سريعًا وأعطاه للطبيب، بدأ يفحصه وكان دور حمى واشتد عليه


وقف بجانب والدته التي تدعى ريناد، تحدثت ببكاء : أنا آسفة يا فهد بس والله مكنتش عارفة اعمل ايه! أنا حسيت بعجز وإن روحي راحت مني


رد بكلمة مقتضبة : خير


دخل يطمئن على الطفل ثم عاد به للمنزل، تحدثت بهدوء : خليك الليلة دي الوقت اتأخر وأنا لسه خايفة


رد بهدوء : هبات في العربية ولو احتاجتي حاجة رني عليا


تحدثت بلهفة وعفوية : مفهاش حاجة لو نمت هنا، في اوضة تحت واحنا هنبقى فوق عشان البرد والله مش حاجة


تحدث بضيق : أنا هفضل بره كده هبقى مرتاح


وخرج يجلس في سيارته ثم أعاد الكرسي للخلف ومسك هاتفه، بدأ يُقلب ويسلي نفسه وجد آيسل تكتب :


" لعل البداية عقب النهاية ما هي إلا فرج قريب، ولعل الدمعة التي استمرت سنوات سوف تزيلها يد ذات يوم، ولعل القلب الجامد يلين ذات لحظة، ولعل الله يستجيب لدعوة دعاها قلب مختبىء أسفل أريكة في غرفة مظلمة خائف من عدم رحمة البشر لكنه يعلم أن الله رحيم بعباده "


ارسل لها رسالة واحدة على الخاص :
" احذفي "


" عقبال ما اتحذف انا كمان "


" متستعجليش كله قريب "


رنت عليه فأجاب يستمع لصوت بكائها وهي تنهره بغضب، بدأت تأني بوجع وسط كلماتها ويزيد بكائها، بكاء لا يعلم بسبب وجع العملية أم بسبب كلماته أم بسبب كل شيء


حين لما يأتيها صوته اردفت : أسفة على الإزعاج، عايز حاجة؟


رد بمنتهى البرود : تهدي شوية


صرخت بغضب وبتعب : أهدى إزاي وأنا لوحدي، والله عايزة اقوم أروح الحمام وما قادرة، أهدى إزاي وأنا كل لحظة بحس إني يتيمة ومليش حد، أنت عمرك ما حسيت بالعجز يا فهد بس انا عيشته سنين ولسه فيه


أكملت وقد غص صوتها : خليك حنين عليا لأن أنا والله ما دوقت الحنية يوم على بعضه


أغلقت وتركت الهاتف وهي على علم أنه لن يعبء بشيء، فكرت أن تذهب لكن أين؟ كلهم عائلة وهي وحيدة لا حول لها ولا قوة، أين أهلها؟ أين حقها في الحضن الدافئ، صدحت في أذنها صرخة عقب ضربة قاسية من سامي ذات يوم ولم تكن تعرف أن والدها نفسه لم يرفع يد بدافع الهزار حتى على توأمها، كلمات قاسية كالسم ظلت تنزل سنوات على مسامعها، غطاء انسحب من فوق جسدها في منتصف الشتاء، أشياء كانت أمنيتها أن يعوضها الفهد بحضنه فقط فيها


صرخت بغضب وبكاء : يا رب خدني بقى، والله الأيام دي اصعب من كل حاجة، لما حسيت إنك عوضتني جيه فهد وأثبت إن العوض في الآخرة


صمتت قليلا ثم ضحكت قائلة : استغفر الله العظيم، ايه الاكتئاب ده، هتفرج..


أتت عشق وقامت بمساعدتها قائلة : آسفة يا آيسل بس رعد كان جاي من الشغل وبقى بيتلكك، مفيش حد من البنات جالك؟


آيسل بهدوء : لا بعدين أنتِ عارفة إني بتكسف منهم


عادت تعتذر ثم قالت : طيب حيث كده تعالي اقعدي في بيتي وبلاش جناح فهد دا


ردت آيسل بحزن : أنا مرتاحة هنا


أنتهت عشق وعادت إلى زوجها بينما جلست آيسل تتحدث قليلاً مع تسنيم، أغلقت معها وبدأت تحاول مساعدة نفسها على الوقوف جيدًا، كادت تقع لولا يد فهد التي قبضت على ساعديها


نظرت له بصدمة ولم تصدق وجوده، تحدث بضيق : مرمطة وخلاص، دخلتي الحمام؟


ردت آيسل بزهول : أكيد مجتش في كذا ساعة عشان تدخلني الحمام


نظر لها نظرة مؤكدة فضحكت بصدمة، همست له : عشق دخلتني، لو اعرف كنت قولتلك متجيش


نظر في أرجاء جناحه وقد بدى عليه الإنزعاج لأنه لا يحب دخول أحد في مكان يخصه، تحدث بضيق : أنا مش فاهم ليه قعدتي هنا، ما في اوض كتيرة كنتِ اقعدي في اي حاجة


عادت دموعها تلمع فأكمل : مقصدش


ظلت صامته قليلاً ثم قالت : أنت كنت تقصد لما قولت متستعجليش كله قريب، إننا نتطلق؟


لم يجب فأكملت بدموع تنهمر : خلاص خلينا نتطلق يا فهد ونخلص، طالما دا اللي هيريحك


حاوط وجنتيها فاستندت على جانبيه، تحدث بإبتسامة بسيطة : عايزانا نتطلق يا آيسل؟ راحتك في الطلاق مني


اردفت ببكاء : لا بس انا مش ...


قاطعها بطريقته وابتعد قائلاً : في طريقة صلح كده ممكن نجربها، وسمعت إن بيتنسى بعدها كل حاجة عدت


ردت آيسل بإبتسامة : الباب مفتوح


فهد بتذكر : قفله بالمفتاح كمان


تحدثت بضيق : أنا تعبانة


هز رأسه بالنفي قائلاً : مش مصدق، أحب اتأكد بنفسي


انفجرت ضاحكة ثم قالت : أنا بستهبل، بص اتأكد بنفسك


عاد يضحك وهو يغرق معها في بحور عشقها، بينما يعطي أسد الدواء لنور التي لا تكف عن الحديث فيما يخص كل شيء، لقد مَّل لكنه يراعي وضعها وحملها


تحدثت بضيق : أنا والله ما عارفة أنت بتكرهني ليه!


رد بهدوء : مش بكرهك


ردت بانفعال : ولا بتحبني، أنت عارف مقربتش مني من امته؟ من يوم ما ردتني ولا كأنك مجبور عليا


مسك رأسه فأكملت : أنت كنت بتعمل كده معاها؟ رد عليا


استغفر ربه بصوت عالي ثم قال : يا بنت الناس أنا دماغي مش بلاستيك، ارحمي ربنا يرحمك يا شيخة


تركها وكاد يغادر فبدأت تبكي، اقترب يُقبل جبينها وربط على كتفها قائلاً : استهدي بالله كده، وصلِ على النبي، انا مقصدش


دفنت نفسها في حضنه قائلة : يا أسد انا بحبك اوي وأنت مش مراعي غير ابنك، أنا إنسانه وبحس وعايزة تقدير ليا أنا لشخصي، قدر حبي


تحدث بهدوء : وأنا بحبك يا نور


لم تتوقعها سهلة كهذا لكنها خرجت، وأكمل : أنا بتعافى، اديني فرصتي وافتكري العمارة الكبيرة بتبدأ بطوبة


تساءلت بلهفة : طب أنت مانع نفسك عني ليه؟


لم يعرف ما عليه قوله، لكنه قال : مش مانع يا نور أنا بس محتاج وقتي، هاخده وهبقى بخير


عادت تسأله بلهفة آخرى : هتنسى تسنيم؟


هل يمكن أن تنسى روحك؟ لا ننساها لأنها إن غادرت يظل جسد لا قيمة له، هي نحن فينا وبها نحيا، رد بهدوء : جايز لما اشوف ابننا، هطلع اشم هوا وجاي


عاد يُقبل جبينها ثم خرج يجلس في الحديقة، ينسى تسنيم؟ هل الأمر بهذه السهولة؟ تسنيم! ضحك ساخرًا وكم كان يتوق لحضن واحد يُربط على كل ما بداخله


وهناك آدم الذي كان يبحث عن ساعة أحضرها والده له هدية وقد اختفت، تحدث بانزعاج : رزان مشوفتش الساعة بتاعتي السودا، مش لاقيها


ردت وهي تُقلب في المجلة : لا، ابقى رتب حاجتك وهتلاقيها


أطلق تنهيدة بسيطة ثم قال بحزن : بابا كان جايبها ليا هدية وغالية عليا اوي


وقفت تبحث عنها بحزن عليه، فتح درج وجد شريط حبوب، قرأ ما عليها ثم أخرج هاتفه يبحث عنه، دخلت رزان قائلة بمرح : هات قد حقها بقى عشان لقيتها ليك، اتفضل يا سيدي


رد آدم بجمود : حبوب منع الحمل بتعمل ايه هنا يا رزان؟


ردت رزان بهدوء : هتكون بتعمل ايه؟


القاها عليها قائلاً : عارفة الواحدة لما متبقاش عايزة من جوزها عيل ومفهماه إنها بتحبه تبقى ايه؟ كدابة يا رزان لأن دا مش بيتاخد في السر، دا ليه أسباب وشروط واقتناع


توترت ملامحها ثم قالت : أنا مقصدش حاجة بس مكنتش جاهزة لطفل، اعتقد اني مكتفيه بريان


هدر بها بغضب : دا حقي اكتر من حقك


رزان بنفي وحدة : لا يا آدم مش حقك اكتر مني، مش أنت اللي جسمك بيبوظ ولا بضيع من صحتك ولا اللي بتربي ولا اللي بتشيل الحمل، الراجل ما ليه غير المتعة والف مبروك وشكرًا، التفكير القديم دا مش معايا وأنا مش عايزة عيال


جذب ذراعها قائلاً : وانا مش هقرب منك، بكفاية مخبية عني حاجات وبتعملي تصرفات أنا ساكت ومستنيكي تيجي تحكي


دفعت يده قائلة : كل واحد حُر في خصوصياته ويا ريت نقفل الموضوع ده، متاكلش حق ليا عشان حاجة تافهه


رد آدم باستنكار : تافهه! ذي ما ليكي حقوق دا كان حق ليا وخلاص خلصت


تركها وكاد يخرج فاردفت بصراخ : عايزني اخلف طفل يبقى مصيره يعيش مع طرف واحد


رد آدم بانفعال : متطلعيش عقدك عليا


شهقت بصدمة وظل هو يستوعب ما قاله، كلماته رنت في أذنه قبل أذنها وقد استحقر نفسه، تذكر حديث والده له والآن ألقاه في الحائط، تحدثت بحزن : طب ما أنت كمان خدت طفل من أمه، كلكم عاصم بس بطرق مختلفة، وكويس إني خدت الخطوة دي


تركها وغادر المكان وجلست هي تحاول كبت دموعها، وهناك رعد الصغير قد استقبل رسالة من نفس الفتاة والتي بدأت تتقرب منه بطرق يعرفها جيدًا حتى لو لم يتحدث سوا عشق


خرجت من الحمام ترتدي بدلة رقص بلدي تمتزج بين الأحمر والأسود، ترك الهاتف وهو ينظر لها بزهول فاردفت وهي تغني مع الأغنية : دلعني في حبك دلعني


احضرت عصاه سرعان ما انفجر ضاحكًا وهو يندمج معها، التقط العصاه يرقص معها في جو راق له ثم قال : أنتِ مجنونة


حاوط عنقه قائلة : وعايزة اجننك معايا كمان..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


في منزل يوسف
دخل يعقوب واتجه يضم سيلا بقوة ولهفة فهو ما زال محروم من النعيم في دفئها بسبب تيا، تمدد على الأريكة رأسه في حضنها يتحدث معها باندماج، دق جرس الباب ودخلت جوان تبحث عنه بعيناها


تحدثت بإبتسامة : أنت هنا، انا نزلت عند نينا هدى اشوفك بس ملقتش ليك آثر


يعقوب بانزعاج : عيلة مدلوقة اقسم بالله، اتقلي يا بت كده عيب


ضمت سيلا قائلة : انا ما صدقت أثبتك، متستناش مني اتقل بقولك اهو وبعدين هتخطبني امته؟


رد يعقوب بخبث : أما تجيبي بوسة


احتقن وجهها بخجل ثم اعتدلت واقفة قائلة : مش عايزة نتخطب أصلا


يعقوب بمرح : تموت في العيشة الحرام، معنديش مانع


عادت تضحك ثم وقف وخرج معها حين وجد تيا، وقف أمام الاسانسير واردف : ماما زينة رنت عليا تلت مرات ومُصره اروح ابات هناك


جوان برفض قاطع : لا .. ميار هناك وانا مش هسمح


رد بانزعاج : متخطبناش على فكرة لسه!


ابتسمت بخفة ثم حاوطت خصره قائلة : بس أنت حق من حقوقي متنساش


همهم بهدوء فأكملت : كمان أنا بغير عليك اوي، أعمل ايه ما أنت اللي حلو وذي القمر، بقولك ايه؟ ما تيجي نعمل خطوبة مع كتب كتاب مرة واحدة


يعقوب بعدم فهم : اشمعنا؟


ردت جوان بوقاحة : عشان ههريك بوس


تصاعدت ضحكات كلاهما ثم اتجه بها لأسفل، دخل حيث زياد الذي عقد حاجبيه باستغراب متسائلاً : في ايه؟


رد يعقوب بمرح : من الآخر جوزني البت دي، أنا عايز اتجوزها خلصانة وش كده


زياد باستغراب : ماشي بس خليها خطوبة مبدئية كده


يعقوب بإبتسامة : بكتب كتاب، أنا خلاص قررت وخدت قراري وهلم بورها وهي تلم بوري


نظر باتجاه جايدا التي ابتسمت واردف : أنت كويس، وهي كويسة بس الجوازة مش مطمئنة..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


في قصر الشافعي تحديدًا جناح فهد
اعتدلت آيسل جالسة بجانب فهد الذي قَبل ظهرها موضع العملية، ابتسمت وهي تمسك هاتفها تنظر للساعة ثم تركته بحزن وسندت رأسها بيدها


تحدث باستغراب : في ايه؟


ردت آيسل بحزن : مش عارفة ارن على عشق عشان الوقت اتأخر، وعايزاها تساعدني اخد دش


رد فهد بضيق : منا هساعدك فيها ايه؟ وبعدين مش حابب حوار حد يشوف جسمك


آيسل بنفي : لا هتكسف منك، انا هتصرف


وقف يحملها بمرح فأكملت : فهد عشان خاطري بلاش احراج، اسمعني مرة وبطل تسمع نفسك..


بعد وقت
تمددت في حضنه شبه فوقه يد تمر على شعرها يرتبه والآخرى على كتفها وظهرها، بدأت تعاتبه على تصرفاته وهي ترسم دوائر هامشة على صدره في حركة جعلته يهدأ ويستمع


تحدث بهدوء : انا اتربيت على إن الدنيا يا حلال يا حرام مفيش وسط، دي مش مشكلة بابا دي مشكلتي أنا لوحدي ولما لقيتك بتغني في القاعة أنا كنت هنفجر بس خدت الأمور بهدوء


آيسل بضيق : يا فهد


ابتسم بخفة ثم قال : تمام بس مكنتش عصبي اوي، لما رجعتي تغني تاني أنا بصيت بجانب حلال وحرام أنه حقي أنا، أنا المفروض أبقى المُستمع الوحيد في الحكاية


ردت محاولة تبرير موقفها : بس مكنش في غير يعقوب وهو ذي اخويا


تذكر أمر خاله يوسف وسيليا ثم وضع يده على فمها قائلاً : عدت بس بلاش تتكرر


ردت بمرح خبيث : اعتبر دي غيرة يعني ولا ايه؟ بص ابقى قول أنا غيران ومتناحيش فيا


أجاب بإبتسامة طفيفة : والله ما حد بيناحي فيا قدك


اتسعت عيناها قائلة بصدمة : أنا يا ابني؟ دا أنت واجع ليا قلبي والله، هو عشان حلو حبتين تلاتة أربعة وعيونك عسلي وقمر وضحكتك اللي تقريبًا عمري ما شوفتها بس حلوة يعني بالإحساس حسيتها


رغمًا عنه ضحك فأكملت بمرح : والله حلوة، احساس طلع في محله براڤو عليا


ضمها بشكل أقوى يُقبل جبينها بحنية ثم قال : لو الدنيا في طيبة قلبك يا آيسل، ولو الحياة كلها شبهك


ردت بمرح : يا ساتر، يا اخي صلِ على النبي في ايه!


عاد يضحك وقد تمكنت من إزالة أجزاء من ثقله، ظلت تمرح معه وتخفف عنه بخفة ظلها واردفت : ضحكنا بقى شوية والدنيا بقت حلوة، قولي مالك؟ كارهني ليه؟ طلع مني فعل مش كويس أو زعلتك في حاجة غير إني غنيت


" تؤ "
قالها باقتضاب فاردفت : فهد أنا مش عايزة الطريقة دي، احكي وانا هسمع بجد ولو لقتني مستمعة وحشة اسكت


ظل صامت خمس دقائق ثم قال : الكلام ده أول مرة أقوله لحد، بابا بس اللي عرف ومش مني


نظرت له بانتباه فأكمل : عارفة رياض زميلي اللي جيه فرحي مع مراته


آيسل : أيوة عرفته


استغفر ربه واردف : استشهد


شهقت بصدمة فأكمل : هو فداني يا آيسل، كمان طلعت مداهمتين وواحدة فيهم كل التيم بتاعي استشهد إلا انا والتانية مات تلاتة


ظلت صامته لكن دموعها تُعبر، تحدث بهدوء : هي الأعمار بيد الله وحده بس أنا كنت أول الأسباب، بفكر كم ابن وكم أب وكم اخ كنت أنا أول سبب في الأسباب


مسح دموعها فاردفت : هو أنا ضغطك بتعبي؟ أنا آسفة بس مكنتش عارفة إن كل ده حصل معاك


ابتسم بخفة فأكملت : متزعلش نفسك، الأعمار بيد الله وحده واهي فترة وعدت، اهون عليك إزاي؟


رد بهدوء : ونعم بالله، مش عايز حد يهون عليا عشان الأمور مش اصعب حاجة


شعرت بالزهول منه ويظل فهد هو الفهد، اتجه يُصلي الفجر وعاد وجدها تنحني وتسبح والدموع وقع على السجادة من الألم فهي لأول مرة تحاول الصلاة وهي تقف


أكملت صلاة بخشوع وبكاء وحين سلمت زاد بكائها، مسكت ظهرها وحاولت الوقوف فسندها قائلاً : روقتي على نفسك النهاردة، ضهرك عامل ايه؟


ردت وهي تمسح دموعها : مات، ربنا يجعله آخر الأحزان، ما تشد الميزان دا أما اشوف بقيت كم ألف كيلو


تأملها قليلاً ثم قال : زيدتي ممكن تلاتة كيلو مثلاً، تحبي أقولك فين بالظبط


وغمز في آخر حديثه بمرح، شهقت بصدمة ثم اتجهت تجذبه وتقف عليه، بالفعل لقد وصلت لأربعة وسبعين وهنا انفجرت باكية قائلة بقهر : إزاي دا انا والله مباكلش، أنا إزاي مخسش بس أو افضل ذي منا، يا رب بقى


ظلت تبكي قرابة النصف ساعة وهو لا يبالي لأمرها، سبب تافه يجعلها هكذا والمطلوب منه تحمل هذا، ترك الهاتف واعتدل ينام فاتجهت بجانبه تسند على صدره وتبكي بحزن، فاق عليها مرة آخرى ثم ضمها يربط على ظهرها، سرعان ما هدأت وظلت شاردة تُفكر كيف تخسر هذا الوزن


تحدثت بعد تفكير : أنا هعمل تكميم معدة


رد بهدوء : لا ممنوع


رفعت وجهها قائلة بعناد : هعملها واخلص بقى، انا خدت قراري

عاد ينفي ببرود فاردفت : ليه؟ خلاص تمام لو شايف كده


ظن أنها أغلقت الموضوع لكن لم يحدث، وفي صباح يوم جديد حاوطها وخرج معها مبتسم بخفة لعشق التي قالت بلهفة : أنت رجعت؟


آيسل بمرح : هقولك السبب بيني وبينك


عادت تسألهم بلهفة : أنتم كويسين؟


ردت آيسل بإبتسامة : أجمل ما يكون متقلقيش


اجتمعوا على طعام الإفطار وهو يتابع آيسل بعيناه، كانت تختار ما عليها تناوله وتحدد طعامها، انهته وظلت كما هي فاردف فهد بحدة وهو يفهم ما تفعل : كملي أكلك يا آيسل


رفعت عيناها قائلة بهدوء : شبعت، عشق ساعديني اغسل


رد بانفعال : آيسل


توترت ملامحها ولمعت دموعها وهي تقول : أنت بتزعق ليه؟ انا شبعت على فكرة والأكل مش بالعافية


أجاب بحدة : ابقي خليكي قومي من مكانك


تدخلت عشق الصغيرة متحدثة بغضب : أنت بتكلمها كده ليه؟ دا مش أسلوب وهي لسه مبقتش كويسة


بدأت آيسل تبكي ونظرة واحدة من فهد جعلتها تتناول طعامها، اجتمعوا يجلسوا سويًا وكادت عشق الصغيرة تدخل لكن رعد مسك ذراعها


اردفت باستغراب : في ايه؟


رد بضيق : متبقيش تدخلي بين واحد ومراته فاهمة؟ احذري


دفعت يده قائلة : مراته تبقى آيسل يا رعد تمام؟


تركها ودخل وهي خلفه، كانت آيسل تبكي دون صوت وفهد يتحدث مع أخاه بلامبالة، دخل رعد الكبير مع عشق عقب صعودها لأعلى، جلست في مكانها وهو في مكانه


تحدثت عشق بقلق : لسه بتعيطي ليه يا آيسل؟ معقول دا عشان قالك بس تاكلي


آيسل ببكاء : لا، هو فارض سيطرته في أمر المرة دي مينفعش


نظر رعد باتجاه ابنه قائلاً بحدة : تعالي يا آيسل هنا جنبي


اتجهت تجلس بجانبه وهنا شعر فهد بالتوتر ونظر أخواته له بحذر، سألها رعد عن السبب وأجابت سرعان ما تحولت ملامحه لإبتسامة بسيطة واردف : الموضوع كبير اوي بس مش عندي، دا عند مامتك عشق تحل الحوار


عشق باستغراب : في ايه؟


ابتسم فهد بخفة واردف رعد : أنت عارف الأمر دا اخد مني كام سنة، حداشر سنة كاملين


رد فهد : على سبيل السيطرة


تحدث رعد بضيق : بهايم، دول بيجوا بالحنية والهدوء و ...


ردت عشق سريعًا : لا متسمعوش منه، احنا بنيجي بالسك على الدماغ، تعالي يا آيسل


اجتمعت الفتيات حول عشق تستمع إلى المشكلة الكبيرة، تحدثت عشق بحدة : شغف ارجعي ورا عيب


عشق الصغيرة وهي تلوي ثغرها : دا احنا اللي نرجع ورا، البت دي أنا خدت بدماغها امبارح وكانت حتة ليلة آخر شخلعة


نظرت الفتيات لشغف التي اخفت وجهها بتوتر، تساءلت الكبيرة : عملت ايه؟ ولا استني لما اشوف مشكلة آيسل


آيسل بحزن : ابنك يا راضي بتكميم ولا دايت، وأنا عايزة اخس ومش فاهمة هو مشكلته فين، يعني ابقى شبه الكورة وهو طول بعرض بعضلات


حركت عشق رأسها باستفهام قائلة : فين المشكلة برضو مفهمتش


آيسل بانزعاج : عايزة اخس وهو مش راضي


عشق ببساطة : عشان هو بيحب الجسم المليان


ردت عشق الصغيرة بصدمة : اوعى


عشق بضحك : هو وباباه كده بس رعد قعد حداشر سنة عما قالها ليا، بس للأسف أنا جسمي رفيع تلقائي ولما بزيد اوي اوي ببقى تمانية وستين وهو عايز ..


وأشارت بيديها على حجم كبير فتعالت ضحكاتهم، أتت ليلة عقب اطمئنانها على ابنها ثم جلست بجانب أسد أما بيبرس يتحدث مع أدم عن العمل


دخل يعقوب قائلاً بمرح : اللي كاشف راسه يغطيها، أنا جيت


اتجه يحضن عشق ثم قَبل جبينها وسلم على رعد يضمه ثم جلس بجانبه، أردف رعد : كويس إنك جيت، قوم عايزك


يعقوب بحماس : وانا كمان، حاسس انك جايب ليا عروسة مش على هوايا وهنبدأ شغل الروايات بقى لأني جاي اكلمك على عروسة


حاوط كتفه قائلاً : مش للدرجة دي، تعالى


اتجهوا داخل المكتب وبدأ يعقوب يتحدث بحماس عن جوان ورغبته في الزواج منها، تعافى اليوم كليًا وهو يتحدث بذاك الشغف، أنهى حديثه : اشطا نروح النهاردة كلنا بقى، كتب كتاب يا بابا عشان ابنك منحرف وهيعمل ما حرم الله لما يتحكم مع أنثى وبصراحة قمر


ضحك رعد بخفة ثم قال : الله يصلح حالك يا يعقوب، ذي عشق بالظبط ببقى عايز اسمعك ما لا يرضيك بس مبتهونش عليا


اقترب برأسه قائلاً : بس اخواتي بيهونوا، هدي صوتك بقى عشان الحيطان ليها ودان وهيعرفوا إنك بتحبني عنهم


بالتأكيد لا لكن أولاده في وجهه، هم مَّن له وكل شيء اتجاههم واجب عليه، أما غير أولاده فهو عاملهم بالمثل لله فقط، تحدث رعد بإبتسامة : خلاص تمام، المهم في موضوع عايزك فيه بس ميطلعش من بينا، كنت حابب اكلم يوسف بس هياخد الموضوع بعاطفية وعلى أعصابه إنما أنت هتاخد الأمور أهدى


ظهر القلق على ملامحه قائلاً : خير يا بابا


رد رعد بهدوء : خير بإذن الرحمان، فهد شاكك إن آيسل هي نفسها سيليا


بدأ يتحدث معه عن الموضوع ويعقوب احتقن وجهه، خرج مع رعد بوجه منقلب ونظر باتجاهها عيناه أتت في أعين آيسل التي أشارت بمرح، هي تمتلك نفس اللمعة الخاصة به حين تضحك، نظرة سيلا التي يحفظها عن ظهر قلب


" إزاي محستش؟ "
قالها بهمس ثم ذهب سريعًا، تحدثت عشق بقلق : يعقوب ماله يا رعد؟


رعد بإبتسامة طفيفة : متشغليش بالك، بليل هروح مع يوسف يطلب جوان وكان بيعرفني


عشق بلهفة : بجد! اخس على سيلا متقوليش، هاتي يا بت التليفون ده


يوم كامل الجميع سويًا وفي المساء ذهب رعد مع يوسف يطلب يد جوان له، الجميع في منزل يوسف ينتظر الأخبار وآيسل نائمه في غرفة جاسمين


دخلت عشق الصغيرة قائلة : آيسل هاتي ايدك نسحب تحليل


مدت ذراعها الذي أصابه أكثر من سبع كدمات، أشارت على واحدة قائلة : بيوجعوكي؟


آيسل بهدوء : تؤ، فهد فين؟


وقفت فجأة واتجهت سريعًا للحمام تفرغ ما بجوفها، غسلت وجهها وخرجت تستند على الحائط بتعب ثم جلست تبكي دون صوت، اتجهت عشق تسحب لها وفشلت في مرة والثانية فاردفت : هنادي رعد


اتجهت تنادي له يسحب لها العينة، انزلت عيناها تنظر لذراعيها ثم وقفت تغطيهم وخرجت، دخلت شقة سحاب التي تجلس مع دموع شاردة في أمور تخصهم، جلست بجانبها قائلة : محدش سمع صوتك


ردت سحاب بهدوء : مش متعودة عليهم، أنا مش ذيك لأنك بقيتي منهم


نظرت آيسل لها قائلة : بس أنا مش منهم يا سحاب، حتى لو عملت نفسي كده هفضل آيسل بنت الـ .. حرام اللي اتباعت بميت جنية، هفضل آيسل اللي كانت بتنام بعلقة وتقوم بعلقة، هفضل آيسل أم لسان طويل اللي متعرفش حاجة عن التربية والعز، هفضل آيسل اللي بتعافر عشان تشرب من إزازة مايه معدنية ومش هتلاقي حد يجيبها ليها ويقولها خدي، هفضل آيسل اللي لا عمرها ارتاحت وهي طفلة ولا في تعليم ولا في جواز .. أنا صعبان عليا نفسي اوي يا سحاب، أنا محصليش حاجة واحدة تجبر بخاطري، انا مقهورة اوي من كل حاجة


بدأت تبكي وقد خارت قواها التي استمرت سنوات، مسكت ذراعها اليسار وأغمضت عيناها قليلاً ثم قالت : عارفة لما تحسي إنك حاجة عند ناس وفجأة تلاقيكي ولا حاجة، أنا كده ليهم كلهم حتى فهد، كلهم كانوا عايزين مني حاجة ومحدش اتودد ليا حتى ولا سأل عليا عشان أنا الغريبة، أنا معتش بحب حد فيهم يا سحاب ولا عايزة أعيش في المكان ده، أنا عايزة ارجع وحيدة مليش حد ولا حواليا حد، عايزة ارجع للضلمة والضرب والخوف ولا أفضل وسط ناس دايمًا حاسه إني أقل منهم


ظلت سحاب صامته لكن دموعها تنهمر، وقفت آيسل وكادت تخرج فاردفت : في مرة بعد ما بابا جابك لينا، ورغم إن كان عمري سبع سنين بس مقدرتش انسى اليوم ده لحد الوقتي، يومها كنا عند سوبر ماركت وأنتِ شوفتي طفل عنده حوالي عشر سنين


التفتت آيسل فأكملت ببكاء : قعدتي تنادي عليه وتقولي فهد، كنتِ عايزة تروحي ليه بس أنا منعتك يومها .. فهد حبيبي سبيني اروح لبابا دا اللي قولتيه


همست باستغراب : فهد!


سحاب بتأكيد وهي تقف : اة فهد ولما جيتي بابا قال آيسل، الأمر اخد مننا سنة ونص عشان نقنعك إن اسمك الحقيقي هو آيسل سامي مش سيليا يوسف


رمشت بعدم استيعاب فأكملت : أيوة أنتِ الأميرة سيليا اللي جات لينا وهي عايزة تصلي وكانت لابسه سلسلة واسورة بابا باعهم واشترى بيت كامل ليه لوحده مش شقة


خرجت آيسل ولم تعد تقوي على سماع المزيد، دموعها تنهمر دون صوت ووجدت يوسف يقف وفي حضنه جاسمين، القوة والسلطة والمال عجزته أن يجدها؟ أين شعور الأبوة بها، يعقوب أتى سعيد يحضن سيلا بقوة ويحملها بمرح، كيف هي أمها ولم تشعر بها أو تجمع الشبه، كيف قلة الشعور تصل لهذه الدرجة، لم تكن في المريخ بل كانت في نفس المحافظة لكن التعب لإيجادها لم يكن موجودة


عاش يعقوب، عاش يزن، عاشت جاسمين، وماتت سيليا في هذه اللحظة


مسحت دموعها واتجهت حيث فهد الذي خارج الشقة، تحدثت بتعب : عادي نمشي؟ تعبت ومعتش قادرة اقعد


فهد وهو يربط على ظهرها : خلاص يلا نسبق احنا


ضغط على زر الاسانسير ونزل معها، جلست في السيارة وبدأ يقود عائد للقصر وهي تنظر للخارج، تحدث بقلق طفيف : أنتِ كويسة؟


ردت بهدوء : اة كويسة، أنا بقيت بخير اوي، أنا حاسه إني هموت قريب


وقف بسيارته واحكم إغلاق الزجاج ثم رفع نقابها، تحدث بمرح طفيف : يا نهار ابيض، وشك أحمر كده ليه! تعالي


وجذبها لحضنه سرعان ما بكت مرة آخرى وهي تضمه بقوة، نصف ساعة وهو يهدىء من روعتها وانهيارها لكنها لم تهدأ، عاد بها للقصر وبصعوبة جعلها تنام وتمدد خلفها يضمها بحزن وأسف


ساعتين ثم فتحت عيناها فاردف : صح النوم


ابتسمت بخفة والتفتت فأكمل : عاملة ايه الوقتي؟


ردت بوجه عابس : ايه العبط اللي قولته في العربية ده!


داعب وجنتها قائلاً بحنية : يعني أنتِ عارفة أنه عبط


نظرته لها كانت مختلفة ثم ضمها بحماية، تحدثت بهدوء : فهد هي سيليا حب حياتك؟ لو رجعت هتفرح و ..


مسك ذقنها يديرها حتى تنظر له ثم سألها : هو عادي بالنسبة ليكي تتجوزي غيري؟ بعيد عن الحب وخلينا بالمنطق


نفت برأسها فأكمل : بس، يوم ما بابا أدى حق الجواز كان لماما وعلى عهده وأنا هفضل على عهدي، أنتِ الوحيدة اللي واجهت تقلباتي وزعيقي وجرحي وعصبيتي وبرودي، وبرضو الوحيدة اللي قربت منهم فمينفعش يبقى في غيرك


اتسعت إبتسامتها ثم عادت تقول بدموع : أنت قسيت عليا كتير بس طبطبت في وقت أنا محتاجة فيه كده


مسح دموعها ثم قال : بطلي نكد شوية بقى، تيجي اخدك لعالم حلو مفهوش نكد


نفت برأسها بمرح فأكمل : مش باخد رأيك أصلا


ورفع الغطاء فوقهما بمرح سرعان ما انتشرت ضحكتها، اليوم يعلم أن هناك أمر كبير لكنه لم يرد الضغط عليها..


رنت عشق على فهد وهي قادمة للقصر، التقط الهاتف واردف : سلام عليكم، أيوة يا ماما معاكي يا حبيبتي


آيسل بمرح : مقلهاش ليا والله


كتم السماعة يعض وجنتها بمرح، صرخت فعاد يكتم فمها وضغط على المايك، تحدثت بمرح : الناس مقامات يا بنتي، المهم آيسل كويسة؟ انا قلقت عليها وهي مكنتش بخير


سألها فهد بخبث : أنتِ كويسة؟


آيسل بضحك : ابنك لما بيشوفني مزاجي رايق بيعكرني، ولما بتعكر بيروق مزاجي عادي وأنا الوقتي كويسة


ردت عشق بإبتسامة : ربنا يروقك يا حبيبتي، يلا روحي أنتِ وأحنا نص ساعة كده وهنبقى عندكم، ابقوا تعالوا عشان ناكل


فهد : حاضر يا حبيبتي


وضع الهاتف ثم قال : حلو نص ساعة دي، تقومي ننزل البيسين شوية


آيسل بقلق : في الجو ده، متهزرش


رد بمرح : قومي بس


وقفت آيسل واتجهت ترتدي مايوه بكيني ثم نزلت معه للخاص بمنزلهم، ضمت وشاح لها ليس من برودة الجو ولكن من الإحراج فقد امتلأ جسدها بكدمات غير مبررة، ضغط على بضع ازرار ثم انغلق الزجاج وبدأ المكان يصبح دافىء أكثر


نظر باتجاهها قائلاً : مالك في ايه؟ الكدمات؟


لم تجب فجذب الوشاح وضمها لحضنه، اردفت بهدوء : هبقى كويسة بعد فترة وكل دا هيروح


رفع ذقنها قائلاً : أنتِ ليه مفكرة إن تفكيري هيبقى في شكلك وشكل جسمك، أنا كل اهتمامي قدام الناس محدش يشوفك وبينا تبقى كده


ردت بخبث : كده إزاي يعني؟ قالعة؟ ولا تخينة؟


تصاعدت ضحكاته ثم قال : لسانك دا


آيسل بمرح : طب بذمتك ما بيعجبك


رد فهد بما صدمها : أنتِ كلك عجباني


ظلت تتأمله دون حديث وهو يرتب شعرها ويحاوط وجهها، قَبل جبينها قائلاً : الزعل مش ليكي


آيسل بضحك : يا سلام!


حاوط خصرها واردف : أنا بس اللي ازعلك براحتي، تعالي


قضى معها وقت لطيف ثم خرج وبعدما تجهزوا اتجهوا يتناولوا الطعام مع العائلة، جلسوا سويًا وحاوط فهد كتفها وأمامهم التاب تختار بضع أغراض لها


تحدثت باندماج : أنا بحب الميك آب اوي بكل أنواعه


بدأ يضغط بعشوائية فاردفت : لا خلاص كده كتير، هعمل ايه بكل ده


جذب التاب وأكمل ضغط وهي تضحك، أخذته وبدأت تبحث مرة آخرى ثم ضغطت على قسم البيبي دول قاصدة إحراجه، نظرت له بخبث قائلة : وبحب دول كمان، اختار


تأملها قليلاً ثم نظر للتاب وبدأ يختار، انفجرت ضاحكة وابتسم هو كذلك عشق، بينما يقف ليث أمام يوسف الذي طلب التحدث معه على انفراد، ابتسم باحترام واضح وهو يستمع له


أردف يوسف : أنت عارف يا ليث اني بعاملك ذي ابن ليا صح؟


أكد برأسه فأكمل : مش حاسس إن أن الأوان بقى تعرف جاسمين الحقيقة


تساءل ليث بعدم فهم : حقيقة ايه؟


كاد يجيب لكن أتت جاسمين قائلة : بابا، بتعملوا ايه؟


رد يوسف بمرح : هنكون بنعمل ايه! مش بنلعب احنا، يلا قولي لسيلا تجهز هنروح عند عمتك نسهر عندها


جاسمين بانزعاج : ما كانوا عندنا، هي قصة يا بابا


جذب وجنتيها يُقبلها قائلاً : يلا اختي وحشتني وادي دي لأمك بسرعة


انفجرت ضاحكة ثم اتجهت للداخل تخبرهم، ذهب الجميع إلى قصر الشافعي حيث يجلس الجميع، وقفت آيسل قائلة : فهد أنا تعبانة شوية وهطلع ارتاح


سيلا بقلق : مالك يا آيسل؟


آيسل باقتضاب : مفيش، عايزة حاجة يا ماما؟


ردت عشق بهدوء : سلامتك


اتجهت للداخل ولم تعد تطيق رؤية يوسف ولا فرد من عائلته كلها بعدما عرفت أنهم عائلتها، جلست رزان تنظر للهاتف ثم تركته ونظرت باتجاه آدم الذي يتجاهلها كليًا ولم يعد ينام معها في سرير واحد


أما ليث كان يفكر في كلمات يوسف، وقف رعد واتجه للمكتب مع يوسف وهو خلفهما ثم دخل واغلق الباب، أردف رعد باستغراب : في حاجة يا ليث؟


تحدث ليث بهدوء موجهًا حديثه ليوسف : أنت كنت تقصد ايه؟


يوسف ببرود : اقصد خطفك لجاسمين، ولا مفكرني مش عارف إن أنت اللي عملتها


ابتلع ريقه بصدمة ونظر باتجاه رعد باتهام واضح، أردف رعد : يوسف ابوها وكان حقه يعرف يا ليث


ظل صامت واردف يوسف : أنا اتغاضيت لسبب وهو إنك شاب ودا طيش بعدين فكرت إنه حب بس انا مش هخلي بنتي تتجوزك على ضلمة، جاسمين لازم تعرف


قالها بحدة واضحة وهنا خرج ليث وعاد يجلس وسطهم دون ملامح، يتابعها وهي تتحدث بجدية تامة..


أما في جناح بيبرس كان يقف وفي يده المفتاح يمنع خروجها من الجناح بسبب معرفته بوجود يعقوب في الخارج، حركت رأسها بيأس منه ثم قالت : أنت مفكر الناس كلها خاينة ذيك


رد بيبرس بهدوء : كفاية


هدرت به بغضب : لا مش كفاية فاهم؟ هات المفتاح خليني اطلع وبطل شغل المتخلفين ده


نفى بخفة فبدأت تصرخ بجنون : ما هو مش بمزاجك على فكرة، أنا مش عايزة اقعد معاك وأنا حرة اقعد مكان ما عايزة، أنت عايز تطلع عقد نقصك عليا ولا ايه؟ أنا اتخنقت منك بجد ومش معتبراك حاجة في حياتي عشان تبدأ شغل التحكم ده


قبض على فمها فجأة بغضب واضح واردف : اخرسي


حاولت دفع يده وبدأت دموعها، لم يكن يعي لذاته وهو يضغط على فكها بانفعال سرعان ما انفجرت باكية، ابعد يده بسرعة واردف بصدمة : أنا عملت ايه؟ عملت ايه؟


صرخ بجنون وهي يضرب الزجاج أكثر من عشر مرات بغضب حتى أنه انكسر وبدأت يده بالنزف، صرخت بخوف وهي تخفي وجهها ثم قالت : كفاية يا مريض، كفاية ..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
كدة الفصل السادس وعشرون


بقلمي / سماء أحمد
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-