أخر الاخبار

عشق الرعد الجزء الثالث الفصل الثلاثون

عشق الرعد الجزء الثالث الفصل الثلاثون


الفصل الثلاثون


في منزل يوسف
في ظل الاحتفال بخروج يعقوب من المأزق الذي تم وضعه فيه ولم يكن له أي ذنب، كان هناك احتفالاً بسيطًا في منزل يوسف والجميع سعيد


انتهى يعقوب من صلاة ركعتين شكر لله ثم طوى السجادة وخرج ليجد والده يقف على باب غرفة جاسمين ويهزى بكلمة واحدة : سيليا!


بدأت أنفاسه تعلو بعدم تصديق وعاد يوسف يقول : سيليا بنتي!


سيليا!
فاق فهد على جملته بينما تلمع أعين آيسل بقسوة وعتاب، جمعت شعرها سريعًا والتقط فهد النقاب يثبته لها، هدر يوسف به وهو يدفعه : ابعد يا فهد


دخل يعقوب الغرفة قائلاً : بابا


جذب يوسف آيسل لحضنه سرعان ما شهقت وهو يقول : يا حبيبة ابوكي، يا نور عينه كنتِ قدامي يا سيليا ومش شايفك، حقك عليا يا بنتي


بدأت دموعه تنهمر ونظر فهد باتجاه يعقوب الذي عجز عن الحديث، تحدث فهد : لو سمحت ابعد لحد ما تعملوا تحليل


صرخ يوسف به بغضب : تحليل ايه؟ انا هتوه عن بنتي، دي بنتي أنا ومن غير اي حاجة


بدأ يُقبل جبينها وكفها ويبكي كطفل، أتت جاسمين قائلة : بابا جوان بتقول انك .. بابا


بدأت آيسل تبكي ولم تقوي على دفعه عنها، صرخت جاسمين بحدة ولم تستوعب الموقف : بابا أنت بتعمل ايه؟ يا بابا


أتت سيلا مع عشق على صوت الصراخ، سرعان ما بكت عشق قائلة : عرفت بنتك يا يوسف


شهقت سيلا بصدمة وبدأ الجميع يتوافد، كادت سيلا تقع لولا يد عشق التي دعمتها وبدأت تبكي قائلة : آيسل!


حاولت آيسل دفع يوسف عنها لكنه لم يتركها، تحدثت ببكاء : لو سمحت ابعد بقى عني، كفاية كده


تحدث رعد الصغير بتوتر : بس احنا معملناش تحاليل، اتكلم يا فهد


فرت آيسل رغمًا عنه من بين يديه مردفه بانفعال : مش لازم تحاليل، اة انا سيليا واتأكدوا أيوة انا هي اللي شوف مين بقى في عيلتك ولا جايز مراتك نفسها راحت باعتني بمية جنية بحالها، كتير عليا صح؟ انا بقول برضو كتير على تلت سنين وما شاء الله لا واضح التأثير على عيلتي، واضح اوي لدرجة يا حرام مكنوش قادرين يعيشوا من غيري


نظرت باتجاه سيلا قائلة بدموع تنهمر : هو عرفني من نظرة واحدة طب أنتِ إحساسك كان فين؟ زودتي وجعي خمس سنين وانا جنبك وبتفرج على بنتك بتعيش حياتي وواخده اهتمامي واهتمامها


سيلا ببكاء : حقك عليا


هدرت آيسل بها بانفعال : اعمل ايه بحقي؟ ردي عليا هيفيدني بأيه؟ هيرجع اللي راح، مفيش حاجة هترجع ولا أنتم كمان هترجعوا حياتي، أنا مش سيليا انا آيسل اليتيمة اللي عملت نفسها بنفسها وفحرت في الحديث عشانها وهفضل طول عمري آيسل، سيليا ماتت ولو مكنش يوم ما اتباعت يبقى يوم ما جات قدامك وتوهتي عنها


غادرت المكان وأشار رعد الكبير باتجاه فهد الذي سار خلفها، ضغطت على زر الاسانسير عدة مرات بغضب، حين لم يأتي كادت تذهب لكن فهد مسك يدها قائلاً : اهدي هتنزلي كل دا إزاي؟


استندت على صدره تبكي بانهيار، ربط على ظهرها قائلاً : طب استهدي بالله كده، بتعيطي ليه هي ناقصة نكد


ثواني تستوعب ما قال ثم صرخت : إن منكدتش الوقتي المفروض أمته يعني افهم بقى!


عقد حاجبيه بتفكير ثم قال : مش عارف بس أنا مبحبش النكد، يلا الاسانسير وصل


ظلت في حضنه واختفت دموعها لكن لم يختفي تفكيرها، ركبت بجانبه السيارة وعادت للمنزل بينما وقعت سيلا في الأرض تبكي في حضن عشق، تعالت شهقاتها قائلة : ليها حق متسامحنيش يا عشق، والله ليها حق


الجميع بدأ يستأذن تدريجي وذهب ماعدا رعد وعشق الكِبار وجوان كذلك رعد الصغير، وصل الشباب مع زوجاتهم وعشق الصغيرة التي قالت : إزاي آيسل متقولش ليا حاجة ذي كده


أسد بتفكير : إزاي أصلا تصاحبك أنتِ، سبحان الله من وأنتم اطفال مش بتطيقوا بعض


نظرت باتجاهه ثم ابتسمت قائلة : ما ترن على اخوك يجي ويجيبها، انا محروجة اروح ليهم


تحدثت نور بضيق : هو لازم ندق على الحديد وهو سخن، اهدي شوية


عشق الصغيرة بزهول : حديد ايه يا عبيطة! دا الصحاب مواقف واصلا بفكر ارن على تسنيم تيجي تشوفها


رفع أسد عيناه لمجرد ذكر الاسم، اردفت نور : أنتِ كمان هتطلعي أسرارنا بره! وبعدين كفاية اسمها مش مريح


كتمت رزان ضحكتها بصعوبة لكنها خرجت قائلة : دا اسمها عسل، انا بفكر لما اجيب بنت اسميها تسنيم


ابتسم أسد بخفة واردفت شغف : اعتبري اخويا أسد اتبنى وقتها


دخل فهد الغرفة ثم ألقى السلام وجلس، نظر باتجاه عشق قائلاً : قومي روحي جنبها ويا ريت ترني على صاحبتكم دي


ردت عشق بانفعال : ليه عدمتك؟ مش مكسوف


طرق كف بآخر ثم قال : يا شيخة ربنا يديم عدم القبول، هتقومي ولا احلف بالله ما تلمحي طيفها حتى؟


وقفت واتجهت دون رد، تصاعدت ضحكات الجميع واردفت نور : انا راحه ارتاح شوية


ذهبت وخلفها شغف ثم آدم مع زوجته، نظر فهد باتجاه أسد الذي قال : حالك مش عاجبني، مالك في ايه؟


مرر يده على ذقنه ثم قال : خالك فتح الباب عليا وانا كنت .. احم مش عارف إزاي سمعت كلامك يا أخي والله اتفضحت


أسد باستنكار : اتفضحت ايه؟ هي واحدة غريبة يا ابني! دي مراتك ع فكرة وبعدين هو فاق لدي ولا ركز في بنتي


رد فهد بضيق : وأنا مالي ومال بنته، يلاقيها ولا ميلاقيهاش مش شغلي انا المهم ميشوفنيش كده، انا طول الطريق بستغفر ربنا ومش مركز اواسي البنت اللي جنبي أصلا


ضحك أسد بخفة ثم قال : أنت فكرتني بواحد كان مكسوف يوم فرحه


أطلق فهد تنهيدة بسيطة وعاد يستغفر ربه، أردف : الفكرة إن أنا مجاش في بالي اخفيها ولا احط النقاب على وشها لأن جوايا يقين إن خالك يوسف ابوها، لما شافنا انا اتلبخت في احراجي على العلم أنه ابوها عادي


تحدث أسد باستغراب : يعني أنت كنت عارف؟


هز رأسه بتأكيد واردف : بس كنت عايز اتأكد بتحليل مش اكتر، العينة ضاعت وجات مشكلة يعقوب بعدين تعبها .. تعرف يا أسد انا اكتشفت إني أناني اوي، انا مكنتش عايزها تعرف خالك عشان تفضل ليا لوحدي


عاد أسد يضحك بخفة ثم قال : لقد وقعت في الفخ..


أما عشق لم تُعاتب صديقتها أو تلومها في ذاك الوقت، فقط كانت تتمدد بجانبها وتأخذها في حضنها تربط على ظهرها، تحدثت بمرح : تعرفي إنهم بيقولوا مكناش بنحب بعض خالص، عايزة أروح لعشق الصغيرة وهي واقفة بتتشاكل مع سيليا واقولها والله دي روحي


رفعت آيسل عيناها سرعان ما قبلت عشق جبينها واردفت : الدموع مش للعيون دي، الوقتي تيجي البت تسنيم ونعمل فشار ونستغل غياب فهد مع أنه عبيط، حضن واحد منه هو يحل المشكلة


ابتسمت بخفة وبدأت تربط على بطن عشق التي قالت : لو بنت اسميها سيليا ولا آيسل؟


تحدثت آيسل بهدوء : مش زعلانة مني؟


ردت عشق بعفوية : هفرقع بس مش وقته خالص، اهدي وروقي دمك واعرفي عايزة ايه بعدين نشوف اللي عملتيه فيا


ظلت صامتة قليلاً ثم قالت : عرفك إزاي لسه مش مستوعبة


همست بحزن : ولا أنا مستوعبة..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


عادت الأيام تمر ورفضت آيسل رؤية أي واحد من عائلة يوسف، كذلك رفضت الحديث فيما يخص الموضوع نهائي، قررت إغلاق هذه الصفحة من حياتها كأنها لم تكن ذات يوم أما يوسف بات لا يتحدث كثيرًا ويجلس شارد الذهن يسعى لشيء واحد وهو معرفة الحقيقة


دخل يعقوب من باب الشقة ثم اتجه يجلس بجانب سيلا قائلاً : فهد غصبها على التحليل، هي سيليا يا ماما


ردت سيلا بحزن : يعني هنستفاد بيها ايه يا يعقوب، فهد يقدر يقنعها تسامحنا، هو الوحيد اللي ليه تأثير عليها


رد يعقوب مباشر : والوحيد اللي عمره ما هيعملها عارفة ليه؟ عشان سيليا هتسيبه بعدها على طول وهو ما صدق، دي جاتلي على طبق من دهب


تحدثت بدموع : يعني مش هيرجع سينا؟ هو احنا هناخدها منه على طول


هز رأسه بالنفي قائلاً : معتش راجع ...


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


في قصر الشافعي
وقفت آيسل تنشف خصلاتها جيدًا وذاك الذي يتمدد ويتأملها، اعتدل واقفًا ثم حاوطها من الخلف يطبع قبلات بسيطة على كتفها، نظرت باتجاهه فعاد يُقبل جبينها


اردف بهدوء : ما تخليكي النهاردة وبلاش كلية


ردت بعبوس : نفسي بس مش هينفع، ورايا سكشن مُهم اوي وبعدين أنت مش عايز تقدير


تحدث بلامبالة : هعمل ايه بتقديرك، التقدير الحقيقي يديه الزوج وأنا بديكي امتياز مع مرتبة الشرف


انفجرت ضاحكة ثم التفتت تحاوط عنقه قائلة : عارف أنا بقى بديك تقدير ايه؟


حرك رأسه متسائلاً فاردفت : مقبول


عادت تضحك واقشعر وجهه في حركة جعلتها تُقبل ذقنه قائلة : عسل


انحنى يهمس في أذنها : طيب مش عايزة تجيبي من العسل ده نونو عسل ذي مامته


ابتسمت بخفوت وحاوطت عنقه بيديها، ضمها وحملها يدور واردف : بقيتي خفيفة على فكرة وأنا الوضع مش عاجبني


اردفت آيسل بغيظ : أنت تقصد إني كنت تقيلة؟ لا أنت بتخبط في الحلل ومينفعش


ابتعدت قليلاً تشير على أسفل وجهها قائلة : تخينة رفيعة لسه عندي لغد اسم الله عليه مالي العين


فهد بإبتسامة طفيفة : وريني كده


رفع وجهها له وهنا قضم ذقنها بمرح، صرخت بخفوت سرعان ما ألقاها على السرير يوزع قبلاته على وجهها وعنقها ويدغدغها


ضحكتها ترن في الغرفة وبعد وقت طويل كانت تنزل معه وهو يحاوط كفها بين أنامله، جلس يتناول الإفطار مع الجميع ثم وقف يودع والده ووالدته واردف موجهًا الحديث لعشق : هتيجي؟


عشق الصغيرة باستنكار : هو انا ملقتش غيرك ولا ايه! وبعدين أنا مش عايزة اقطع على حد


فهد ببرود : عين العقل، يلا يا آيسل


تحدثت آيسل : بس يا فهد، قومي يلا تعالي معايا احنا سكشنا في نفس المعاد


تحدث رعد الكبير بهدوء : رعد هيوصلها يا آيسل قومي مع فهد يلا


نظر رعد الصغير له على مضض واجهها رعد الكبير بحدة جعلته يصمت، كدمات متتالية تنتشر في يديها بسبب الحقن المتكرر، الهالات ترتسم حول عيناها والتعب من أقل مجهود


وقفت تسلم على رعد كذلك عشق الكبيرة التي وقفت تضمها لها قائلة : خدي بالك من نفسك، انا جايه ليكي بإذن الله الكلية اشوف مستواكي الدراسي


همست لها بخفوت : منيل اسكتي هتفضحيني


عشق الكبيرة بهمس : انا هقلب جوزك عليكي، انا اصلا عايزة اطلقك أنتِ والبومة اختك، شايفة البوز يا عيني عليك يا ضنايا مصدراه ليه إزاي


ضحكت عشق الصغيرة رغمًا عنها، اردفت شغف : منا عايزة افهم الحب المفاجئ ده


عشق الكبيرة : بتقولك الحب المفاجئ، البت دي حريقة


عشق الصغيرة بضحك : ذي امها


ضربتها بخفة على وجنتها قائلة : ايش تقصدي بكلامك هذا يا وقحة


انفجرت عشق الصغيرة ضاحكة وربطت الكبير على ظهرها قائلة بإبتسامة : خدي بالك من نفسك ومتاكليش حاجة من بره من غيري


عشق بإبتسامة : حاضر يا ماما، عايزة حاجة


نظرت باتجاه ابنها قائلة : سلامتك، خد بالك منها فاهم؟


هز رأسه بتأكيد وقَبل جبينها ثم ذهب معها، بينما وصل فهد أمام الكلية واحكم إغلاق الزجاج، رفعت النقاب ثم اقترب تُقبل وجنته، همس : تؤ مش كفاية


آيسل بانزعاج مرح : أنت بقيت بتدلع على فكرة


حاوط فكها يُقبل جبينها ثم احكم نقابها، غادرت السيارة بعدما أخذ معاد إنتهائها، أنتهى السكشن وخرجت تلتقي مع تسنيم التي قالت : فينك!


جلست آيسل على الأرض بجانبها قائلة : حصل حاجات كتيرة قد كدهو، الملخص بتاعها اسمي الحقيقي سيليا يوسف الشرقاوي


دقيقة تستوعب ثم قالت : ايه!


جلست كلاهما تتحدث في التفاصيل واردفت تسنيم بإبتسامة : يا حبيبي يا عمو يوسف، بجد باباكي! دا أنتِ طلعتي محظوظة


أغمضت عيناها لبرهة متذكرة حضنه وقُبلاته لها، ما هذا الدفء الغير عادي في أحضانه! تحدثت بهدوء : غيري مجرى الموضوع، ايه اللي تقرأيه ده؟


تسنيم بلامبالة : رواية بس مش عارفة، رواية لفهد الفهود بس نينجا، ما شاء الله مطلع روح البطلة


اتسعت أعين آيسل قائلة : هو هنا وهناك، وعامل ايه فهد الفهود دا كمل


ردت تسنيم بضحك : والله يا حبيبتي هو ألم انضرب بالغلط وعينك ما تشوف إلا النور، خطف، ضرب، تعذيب، إهانة، بحبه يا ماما، وتقريبًا مُعقد عشان أمه سابت الخدامة تربيه


ردت آيسل بمرح : دا داء في الاسم، أنا جوزي فهد الفهود برضو ومطلع عيني بس مش ضرب دا بيطفحني فراشات


ردت تسنيم بمرح : وأنا ألف ألف ملاقيش في جمال قصتي أنا وأسد، حبينا بعض كبرنا اتجوزنا عيشنا ايام جميلة بعدين ... طفحنا نفس الفراشات


تحدثت آيسل بضحك : طب أنتِ كلتيها، انا والله ما دوقتها ولقتنى بطفح بطفح، طب قوليلي يا اختي ولاد الشافعي دول عاشوا مرحلة طفولية أنا محلمش بيها وفي عيلة سوية بشكل والله، وكفاية حنية اهلهم لحد الوقتي، افهم بقى طالعين كده بسبب ايه؟


تحدثت عشق الصغيرة بضيق : معقدين اصلا، أنا عايزة افهم التوأم دول كان فيهم ايه؟ إن كان فهد ولا رعد الاتنين


ردت آيسل بإبتسامة : متتكلميش عن فهودي اليومين دول بيأكلني فراشات


أما عشق الشافعي دخلت الجامعة بسيارتها وبجانبها رزان كذلك شغف التي قررت أن تلتقي مع سيلين هنا، رنت على عشق تعرف مكانهم ثم وصلت واردفت : بتقولوا ايه على ولادي يا جزم؟ انا عايزة اطلقكم أصلا واقعدكم كده


عشق الصغيرة بمرح : حماتنا الحرباية وصلت، اجوازنا يا تسنيم ولاد امهم اوي على فكرة


عشق الكبيرة بمرح : حبايب مامي، انا اللي بقلبهم عليكم أصلا، عدوا كده خلوني اقعد جنب البت آيسل


عشق بتأكيد مرح : اة ما فهد اللي على الحجر بعد ريان


جلست وعلى يمينها آيسل بجانبها تسنيم وعلى يسارها رزان بجانبها عشق، تحدثت عشق : كلهم ولادي وكلهم تعبت فيهم، اقولكم بصراحة أنا كدابة ابوهم اللي تعب فيهم وفيا الصراحة


تصاعدت ضحكاتهم جميعًا، اردفت : كنت مستنيه اليوم اللي تدخلوا بيتي وكان في حد مستني معايا كمان بس النصيب


ردت آيسل بمرح : طب قولي مين المفضلة عندك كده عشان حاسه إني اكتسبت حصانة


عشق بتأكيد مرح : دي حقيقة وصدقيني أنتِ دعوة من أعماق القلب، كان نفسي يبقى بيني وبين يوسف نسب من حبي فيه هو وسيلا، كلكم يا بنات ولاد الغاليين


نظرت باتجاه رزان قائلة : الكلام مش ليكي، بحبك لوحدك


ثم ربطت على ظهر عشق وهنا تصاعدت ضحكاتهن، تحدثت عشق الكبيرة : بحبهم يا عشق بس أمك مش سالكة يا بت والله، حلوة بس مفهاش سلكان كده، ما شاء الله كانت من الناس اللي كان حلمي ميبقاش بينا نسب روحت جبت الاتنين، هي كانت ساعة ما يعلم بيها إلا ربنا انا عارفة


وضعت يدها على بطنها قائلة بضحك : حرام عليكي كفاية


أكملت عشق الكبيرة : أنتِ بقى يا رزان أنا ابوكي دا كان كابوسي، لولا ما أنتِ جوازة غلطة والله لكنت وقفت ذي المسمار في الزور وما سيبتك تتجوزي ابني، جات معاكي كده بقى أحمدي ربنا


ربطت على ظهر آيسل قائلة : أنتِ بقى لو كنتِ من معشر الجن برضو كنت هحبك، كفاية مستحملة فهد وعندك ثبات على المبدأ كتر الف خيرك


آيسل بمرح : طيب مين المفضلة عندك بقى؟ بس بأمانة ومتقوليش كلكم ذي بعض


عشق بنفي : لا لا مش كلكم ذي بعض، أنا مش بنافق الصراحة يعني كنت واعدة واحدة فيكم إني عمري ما هحب اكتر منها وفعلاً محدش وصل للنقطة بتاعتها


نظرت الفتيات لبعضهم واردفت رزان : متقوليش جومانة .. ثانية ولا نور


عشق بانزعاج : جومانة ونور مين أنتِ كمان، دول اصلا غلطة لا مؤاخذة يا عشق يا حبيبتي


عشق الصغيرة بمرح : ولا يهمك يا باشا


تحدثت آيسل بإبتسامة : تقصدي تسنيم


عشق بتأكيد مرح : عشرة من عشرة ونجمة يا بت يا آيسل، القاعدة دي كانت هتكمل بيها وهي كانت بداية الخير


نظرت آيسل باتجاه تسنيم الصامته واكملت عشق : كانت طيبة اوي يا بنات وحنينة وقلبها كبير، أسد صعب، اصعب من فهد بكتير لأن أسد عصبي بس هي قدرت تحتوي العصبي ده، أنا ظلمتها وظلمته


فرت دموع تسنيم سرعان ما مسحتها أسفل النقاب، تتوق لحضنه للحظات ذاك العصبي القاسي صاحب الصفات السيئة، تحدثت آيسل بمرح : يعجبني في ولادك أنهم رغم إن خلاص يعني قربنا نجيب اخرنا بس محترمين


ردت عشق الصغيرة : اتكلمي على جوزك بس يا حبيبتي، أنا جوزي ارتبط بيا فترة وكان مقضيها


عشق الكبيرة بضيق : أنتِ أصلا جوزك دا أنا مش عارفة دعوة مين، فهد محترم


ربطت آيسل على كتفها قائلة : كان يبقى بتاع نسوان ارحم، على الأقل هيبقى عنده فكره عن كيفية التعامل معاهم، هو محترم ومؤدب وبيصلي وقريب من ربنا ومش بيمد أيده بس عليه شوية برود يجلطوا وغير البرود ميعرفش أسس التعامل الآدمي بيبقى إزاي


رزان بمرح : البت دي بتخاف من الحسد، كلنا ملاحظين اليومين دول التغير اللي حاصل


آيسل بضيق : بس يا شاطرة، ألا ما شوفتك مرة طالعة ضاربة بوز ولا شكلكم متشاكلين، ما شاء الله يعني


رزان بإبتسامة : دا لأن آدم قالي اللي بينا في جناحنا، بره احنا قدوة بس الظاهر هقضي على القدوة دي عشان عينك وبعدين متحسدنيش، احسدي حماتك


عشق الكبيرة بسماجة : مبجيش بالحسد متتعبوش نفسكم


تحدثت عشق الصغيرة : أيوة دي مرات الكبير بقى، بجد عايزة اعرف إزاي كان قريب من الشباب بالشكل ده وخلى التعب فيهم ومعاهم ليه والحب كله والاحترام والتقدير ليكي


غاصت عشق في تفكيرها قائلة : مش عارفة، عارفين وأنا من سنكم كده مكنتش حلوة خالص، وكنت مغرورة اوي وسمارة على فكرة، رفيعة وطويلة وكنت عصبية اوي وبتقمص بسرعة وبزعق كتير وأنانية بشكل ورغم دا كله كان رعد برضو مُصر يطلع مني حاجة حلوة وآخر أما زهق حبني ذي ما أنا، يعني حلوة وحشة هو كده، أنا حياتي كانت وردية اوي يا آيسل من حيث كل حاجة، بابا وماما ويوسف ورعد وجوازتي كانت جايه بشكل مش كويس بس طلعت كويسة، اتحبيت حب كبير اوي انا مستاهلوش


سندت آيسل رأسها على يدها واكملت عشق : ماما تعبت نفس تعبي بالظبط وكان بينا تطابق، خلفت آدم وما صدقت النفاس عدى بين يوم وليلة كل حاجة اتقلبت، دخلنا العمليات سوا وفضلت تبص ليا لحد ما لفيت وشي وفي لحظة كانت كل حاجة انتهت قبل ما اخد البنج، لسه مصدومة من ماما ونمت يومها في حضن بابا قومت الصبح كان ميت من الزعل عليها، رعد حاول معايا كتير وف الآخر عمل حادثة و ... كفاية


وضعت يديها على وجهها تبكي، اقتربت الفتيات منها جميعهن يضمن عشق التي هدأت، تحدثت : آيسل أهلك رجعوا ليكي يا بنتي، أنا والله نفسي في لحظة بس احس بيهم، استغلي الفرصة يا آيسل، كلكم استغلوها


أتت شغف مع سيلين التي قالت : صباح الفل، ازيك يا طنط؟


عشق بهمس : لميت ولاد الحرابيق حواليا، أعمل إيه هما الحرابيق مبيخلفوش غير الخلفة العدلة


ضحكت الفتيات وسلمت سيلين عليهم ثم جلست بجانب عشق وشغف بجانب تسنيم


الاكتمال
هذا ما شعرت به آيسل حتى أنها طلبت من إحدهن تصويريهن..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


في منزل أدهم
طرقات على الباب ثم دخل ليث يطمئن على أخته التي أصبحت حبيسة الغرفة منذ جلسة يعقوب، أجل لقد علموا بأمر طلاقها التي رغبت به من أعماقها، كذلك علموا بأمر سفر بيبرس خارج مصر


لكن الغريب هو وضعها هذا، جلس أمامها يضع يده على يدها ثم قال : وبعدين معاكي بقى؟ مش دا اللي كنتِ عايزة توصلي ليه


هزت رأسها بالنفي ودموعها تنهمر، اردفت بقهر : لا مش دا .. أنا مش عايزة غيره


ليث بضحك : قول والله، غريب بجد بس ماشي، خليكي هنا بقى وخلي ابنك يدفع التمن وهو يكمل حياته والبقاء للأقوى


تحدثت بحزن : سيبني يا ليث، انا محتاجة أرتب أموري وأشوف عايزة ايه


رد ليث بانزعاج : يعني أنا اللي موقف أمورك! وعلى ايه أنا رايح اهون على مراتي حبيبتي واهو على الأقل هيطمر فيها


همست بغيظ : كلب..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


" يعني ايه معتش راجع؟ "
هذا ما قاله رعد الكبير بانفعال طفيف، وقد أصابته الصدمة من حديث ابنه المباشر بعدم عودته، تحدث فهد : يا بابا افهمني أنا كنت خلاص على تكة وهخسر مراتي، معتش عايز اي حاجة تيجي من الناحية دي طالما فيها خسارة آيسل


هدر رعد به بحدة : تقصد سيليا يا فهد


تحدث فهد بانزعاج : مش سيليا، اللي اتجوزتها آيسل ولسه على ذمتي وعايشين مبسوطين سوا، مفيش حد ليه حق فيها غيري وخلاص أنا عرفت الغلط فين، مش وصية رياض اللي عملت كده انا بقى مش ملزوم من حد ومش مجبور على حد، مكنش ينقذني .. انا قاعد هنا


تحدث رعد بانفعال طفيف : لا مش هتقعد يا فهد ومن بكره هترجع شغلك تاني فاهم؟


اقترب منه يربط رعد على كتفه بقوة قائلاً : يوسف ليه حق على مراتك اكتر منك، ولو بتعمل كده عشان مترجعش ف هي هترجع غصب عني اي حد


ظهر المضض على ملامحه ثم قال : مليش دعوة


رعد بحدة : لا ليك يا أستاذ


رن هاتف رعد فأجاب ليأتيه صوت عشق قائلة : سلام عليكم، حبيبي رفضت تسمع مني اي حاجة، احنا راجعين البيت


رد بهدوء : توصلي بالسلامة


وضع الهاتف ثم قال : اسمع يا فهد النهاردة هتتكلم مع آيسل بخصوص أهلها وهتخليها تسامحهم


فهد وهو ينظر للأرض : أنا آسف يا بابا بس مليش في الأمور دي


طرق بيديه على المكتب بقوة قائلاً : لا ليك ولما اقول ليك يبقى ليك يا أستاذ، أنت عارف وانا عارف إنك لو قولت ليها سامحي من غير أسباب هتسامح، متبقاش أناني يا فهد وتضيع عليها قد اللي ضاع من عمرها


رفع عيناه قائلاً : بس هي مراتي يا بابا وملك ليا لوحدي من قبل ما خالي يعرف، أنت كده بتدمر بيتي على حساب ...


رمقه بنظره قاتلة جعلته يصمت، أردف رعد : أنا مش بقولك طلقها، أنت هترجع شغلك بكره وهي هترجع لأهلها تاخد فرصتها، واللي عملته قبل كده اتحمل نتيجته، زمان كان منك لآيسل الوقتي منك ليوسف لأنها بنته


فهد بحزن دفين : حضرتك فرحان فيا


رعد بتأكيد : أيوة ومكنش بيعجبني ردود أفعالها معاك، كلامي يتسمع يا فهد


همس بخفوت : حاضر


كلمات رعد كالسيف على عنقه وبالتأكيد لن يخالفها، خرج وحين وجد عشق ضمها لحضنه يدفن وجهه في عنقها، تحدثت بقلق : مالك يا حبيبي؟


رد فهد بحزن : راجع بكره


ابتعدت قليلاً عنه قائلة : اشمعنا، مش أنت قولت معتش راجع سينا وهتفضل جنبنا


تحدث رعد الكبير : عشق اطلعي غيري خلينا ناكل


عشق بقلق : استنى يا رعد، رد يا فهد في ايه؟ رعد أنت قولت ليه ايه؟


وزع رعد نظرات غاضبه بينهما واردفت عشق بانفعال : أنت بتبص ليا كده ليه؟ ما صدقت واحد منهم عقل وفي ثانية ترجعه عن اللي في دماغه، أنت مش بتخاف عليهم؟ قلبك مش بيوجعك بسببهم


رد رعد بحدة : لا مش بيوجعني وطالما اختاروا السكة دي مش هسمح واحد فيهم يتراجع إلا لو جيه شهيد


شهقت بصدمة ليكمل : ويلا على فوق وأنت كمان تسمع اللي قولت عليه


وكالعادة لم يقف أحدهما في وجهه، صعدت عشق وجلست تبكي بانهيار وكالعادة يذهب بطلها خلفها يطمئن عليها، نظرت له قائلة بغضب : متكلمنيش بقولك من الأول اهو


رد بهدوء : مكنتش هكلمك على فكرة، قولت عايزين ناكل واظن سمعتي


عشق بانفعال : لا مسمعتش ومش قايمة من مكاني، أنا طلعت من تحت بس عشان فهد كان واقف بس دا مش معناه إني بسمع كلام لا أنا أصلا كلامك ميفرقش معايا


رفع حاجبيه قائلاً : يا سلام! متأكدة


ظهر التوتر على ملامحها ولم تجب فاردف : متأكدة ردي؟


نظرت للأرض قائلة : أيوة على فكرة بقى ومش بخاف


قبض على فكها بخفة يرفع وجهها ثم قال : ومين قالك أنا عايزك تخافي؟ متعيطيش وكلميني كده بنرفزة بقى بهدوء اي حاجة بس من غير دموع


همست ببكاء : أنت بتقولي معيطش وبتاخد ولادي مني! ما صدقت فهد عقل شوية تقوم تـ ...


رد رعد بعقلانية : ابنك قاعد عشان يمنع آيسل عن يوسف، هو قلقان لو راحت تحلى في عينها عيشة أهلها وتطلق وهو مش عايز كده


تحدثت عشق باستغراب : ودا يزعل في ايه؟ أحنا ما صدقنا فهد يفتح قلبه


رعد بهدوء : على حساب مين؟ آيسل بتحبه ولو قالها ارمي نفسك في البحر هترمي، ليه متكلمش معاها بخصوص يوسف، يا عشق ابنك لازم يتعلم إننا نكون أنانين فيكم بس عمرنا ما نبقى أنانين في حقكم، أنا عمري ما منعتك عن اخوكي عشان يمنعه من بنته


بدأ يوضح وجهة نظره لها بهدوء اعتادته، يجعل الندم من نصيبها دون رفع صوته أو إظهار غضبه عليها، همست بخفوت : آسفة


قَبل وجنتها ثم قال : يلا بقى غيري عشان عايز اسمع عملتي ايه قبل ما ننزل ناكل


ضحكت بحماس وهي تقف سريعًا تبدل ملابسها، عادت لحضنه تتحدث بحماس طفولي باتت اكبر منه كثيرًا في السن لكنه لم يتغير..


أما في الأسفل يجلس فهد شارد الذهن يفكر في حديث والده، دخلت آيسل قائلة بعفوية : ايه اللي واخد عقلك اقصد سلام عليكم


رفع عيناه لها واردف : اقفلي الباب


أغلقت الباب واتجهت تجلس في حضنه، رفع النقاب وقَبل وجنتيها فاردفت : اسكت مش أنا تخنت تاني، زعلانة بس مش زعلانة فاهمني لأنك اتدبست فيا خلاص ومش هتعرف تخلع


تحدث بهدوء : بتعجبيني في كل حالاتك


عادت تبتسم بخفوت وبدأت تتحدث معه وكل من طبعه الاستماع، أما عشق وقعت على السرير بتعب واغمضت عيناها تذهب في ثبات عميق، دخل رعد الغرفة ومرر يده على شعرها يرتبه


فتحت عيناها قائلة : معرفش انك هنا، مش قادرة اتحرك من مكاني، ممكن الدوا من عندك


رد بهدوء : ممكن، انا مسافر بكره


عشق بصدمة : مسافر! فين يا رعد وسايبني كده؟ بكره إزاي أصلا


تحدث وهو يحضر الدواء : جاي ليا كذا عملية من مستشفى ومطلوب بالاسم قولت اروح مع دكتور صفا ومحصلش فرصة اعرفك يعني، اتفضلي الدوا


اعتدلت جالسة بتعب ثم قالت : أنت زعلان مني صح؟ رعد أنت مش عايزني اخلف منك عشان متتربطش بطفل مني أنا عارفة بس أنا محتاجاه، هو مش هيربطك والله بس حتى لو مش هنكمل أنا عمري ما هتجوز بعدك ولو حصل مش هبقى عايزة من غيرك طفل، الدكتور قالتلي احتمال معرفش اخلف غيره وأنا خايفة


تحدث بزهول : هي قالتلك


هزت رأسها بتأكيد فأكمل : تمام كويس انك عندك خلفية عن الوضع عشان تبقي تاخدي بالك من نفسك


التقطت الدواء منه تتناوله واردفت : هترجع أمته طيب؟


رد بمنتهى البرود : مش عارف...


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


في المساء
تمددت آيسل في حضن فهد الذي كان ينظر أمامه ويده تمر على ذراعها، يفكر في حديث والده الذي لن يقدر على عصيانه مهما حدث، نظر باتجاهها وجدها تغلق عيناها وتفتحها بنوم


تحدث بهدوء : آيسل عايز اتكلم معاكي بخصوص خالي يوسف


فاقت آيسل واردفت برفض : فهد لو سمحت مش عايزة اسمع حاجة، ماما جات تتكلم معاها وانا ...


رد بهدوء : بقولك عايز اتكلم وهتسمعي، مش بمزاجي على فكرة


نظرت له باهتمام وبدأ يخبرها عما أصاب يوسف في غيابها، عن رد فعل فهد وسيلا عليه، إدمانه الذي كان سبب في دماره وأكمل : مرات خالي خافت تخسره لأن وضعه مكنش كويس عشان كده قررت تقفل صفحة سيليا، متعتبيش عليه عشان مقدرش يلاقيكي بنفوذه، احنا كمان كنا بندور عليكي


بدأت تبكي بحزن ثم قالت : مراتك دي أغبى واحدة في الكون، ممكن نروح ليهم


رد بهدوء : مش النهاردة، بكره بإذن الله لأنك النهاردة ليا لوحدي وبس


اتسعت إبتسامتها بعفوية واردفت : آيسل ولا سيليا؟


لمعت عيناه واردف : آيسل كانت دعوة سنين باسم سيليا، أكيد مش فاكرة بس أنا فاكر تفاصيل كتيرة وأنتِ صغيرة وأنتِ كبيرة


تحدثت بإبتسامة وحماس : قولي ايه اللي هيحصل لو كنت اتربيت قدامك، اكيد مكنتش هلبس النقاب


ضمها بغيرة واضحة قائلاً : كنت ناوي البسه ليكي من ثانوي، مينفعش حد غيري يشوفك أصلا، كنت هرتكب ذنوب كتيرة اوي وغصب كل أما اشوفك مش هقدر أشيل عيني من عليكي ومش عشان أجمل واحدة في الكون لا دا عشان أنتِ سيليا الوديعة، وآيسل الجريئة المجنونة الصاخبة اطيب قلب واحن حضن، آيسل المستفزة والصبورة صاحبة أجمل ضحكة وأجمل عيون


ظهر أمام عيناه أول لقاء معها، والثاني، والثالث، قدومه من سيناء لأجلها كذلك دموعها يوم العودة من الحج، زواجهم، كل شيء


دفنت وجهها في عنقه تبكي واردف : أنا اللي .. خلاص كفاية عياط


حاوطت وجنتيه قائلة : أنت كل حاجة لآيسل يا فهد


ليلة ولا في الأحلام، به فهد جديد لم تعهده من قبل، لم تغفل لدقيقة كذلك هو حتى صباح يوم جديد، خرج من الحمام وجدها تمشط خصلاتها جذبها قائلاً : اكبر حضن في الكون يلا


انفجرت ضاحكة وهي تضمه كذلك هو واستنشق رائحتها ثم قال : ذي المسك بالظبط، لا بشبع منك ولا من ريحتك


تحدثت بإبتسامة : أنا مش هبات عند بابا النهاردة، هقضي اليوم معاهم وهاجي معاك تاني بليل


ظهرت إبتسامته ثم قَبل جبينها قائلاً : لا اقعدي اللي يريحك جنبهم وخدي بالك من نفسك، آيسل أنتِ مسئولة مني للنهاية ومش معنى إنك طلعتي بنت خالي يوسف تنسي إنك مراتي


لمعت دموعها ثم قالت : أنا ليه حساك راجع سينا يا فهد؟ فهد أنت قولتلي معتش راجع وأنا مش هسيبك والله بس خليك


ضغط على رأسها في حضنه وهنا انفجرت باكية، تركها تثبت نقابها ثم اتجه يرن على يوسف ...


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


وفي منزل يوسف
وقفت سيلا في المطبخ تحضر الفطار ويعقوب يجلس يتابعها بصمت، يوسف يجلس في الخارج يمرر يده على جبينه بتعب واضح، أرق أصاب الجميع منذ ذاك اليوم ولم يعد


تحدث يعقوب بمرح : أيوة ما سيليا رجعت بقى ننسى يعقوب ولا كأنه قاعد


ردت بهدوء : اخرس يا ولد


ابتسم قائلاً : أحلى ولد في الدنيا، هروح النهاردة ليها أنا وجاسمين وغيث وهننزل يزن كمان ولو عايزة نخطفها احنا سدادين


نظرت باتجاهه ثم اقتربت قَبلت جبينه، اعتدل واقفًا واردف : سيبك من ابويا أنا زعلي عندك بالدنيا والله، مش هاين عليا اشوفك كده


سندت رأسها على صدره وعادت تبكي، مسحت دموعها قائلة : هشوف يوسف صاحي ولا لا


اتجهت للخارج وجدته يجلس مستيقظ ويضغط على رأسه، تحدثت مبتسمة : صباح الخير


رد بهدوء : صباح النور


حاوطت وجنتيه قائلة : برضو شايل مني كأني عدوتك، بتكرهني ليه؟


يوسف بإبتسامة : اكرهك! دا انا بحبك اكتر من أمي يا شيخة، تعالي هنا


اتجهت لحضنه مباشر وهنا رن فهد سرعان ما أجاب وتحدث فهد : سلام عليكم


يوسف بتوتر : وعليكم السلام، ازيك يا فهد؟


رد فهد بهدوء : بخير والحمد لله، معلش رنيت عليك بدري بس الموضوع مُهم


نظر باتجاه سيلا التي تتأمله بتوتر، أردف : خير يا ابني؟


تنهد فهد ثم قال : أنا راجع سينا النهاردة بإذن الله، يعني كمان ساعتين ولا حاجة واتكلمت امبارح مع آيسل بخصوصكم وفهمتها اللي حصل، هي كانت عايزة تيجي امبارح لما عرفت بس أنا رفضت لأننا كنا بليل، الوقتي أنا بعرفك إني جاي ليكم معاها


شعر يوسف بدقات قلبه تتصاعد ولم يقوي على الإنتظار، اخذهم إلى منزل عشق دون إخبارهم ما حدث بينه هو وفهد


أما آيسل كانت تجلس على الطعام وتمنع دموعها، تحدثت عشق : هيرجع البيت يفضى علينا وبزيادة


آدم بمرح : عشان تعرفي ملكيش غيري أنا وأسد


رد أسد بمرح : هو أسد فقط الدائم في البيت ده، صح؟


نظرت نور باتجاهه ولم يعجبها الحديث، تحدثت عشق : الوحيد اللي طمر فيه شهور الحمل والله، أنت اللي ليك ورك الفرخة يا واد يا أسد


رد فهد بإبتسامة طفيفة : بذمتك ما بتزهقي منه


تحدث رعد الكبير بمغزى : بنزهق منكم أنتم يا فهد


رعد الصغير بضحك : اوعى على الكسفة، بابا بيلمح يا فهد


رد رعد الكبير بهدوء : يا ريت مش بس فهد اللي ياخد الكلام على نفسه


أسد بضحك : يا كسفتك يا حازم، اسكت بقى


تحدثت عشق بإبتسامة : أسد الوحيد اللي عارف إن كلنا لينا حق عليه، شغله وبيته وأهله ومراته


تحدثت نور بهدوء : مش حوار عارف بس المدام مش على الهوا، انا لو حد تاني كان قعد جنبي على طول ذي زمان


كالعادة ويا ليتها لم تتحدث، صمت الكل بعد حديثها ووضعت عشق الصغيرة يدها على بطنها، أغمضت عيناها بتعب واردف رعد الكبير : عشق أنتِ كويسة يا بنتي؟ نقوم نروح للدكتور


تحدثت بتعب : لا يا بابا هاخد العلاج بعد الفطار وهبقى كويسة


تحدث بهدوء لرعد الصغير : متسافرش طالما مراتك تعبانة


نظر الصغير بحدة باتجاه عشق التي قالت : لا يا بابا خليه يشوف شغله، انا كويسة


وقف فهد قائلاً : سفرة دايمة، هوصل آيسل بيت خالي وراجع


عشق الكبيرة بلهفة : بجد! خلاص بقى يا آيسل عفا الله عما سلف


ردت آيسل بمرح : اوعي تفكري إنك هتخلصي مني، على قلبك برضو هنا


ضحكت عشق ووقفت معها تودعها هي وفهد، وجدت يوسف يقف وبجانبه سيلا وأولاده، أردف : مقدرتش استنى لحد ما تجيبها


أشار فهد لها فاتجهت تضم يوسف أولاً وبدأت تبكي، ضمت سيلا التي بدأت تبكي وتعتذر لها عن اللاشيء، كذلك يعقوب الذي غمز لفهد واردف بخبث : اختي بقى احضن براحتي


امتغضت ملامح فهد وظلت تنتقل من حضن هذا لذاك حتى أنتهى الأمر بها تلمح فهد يسير مبتعد، التفت له وهمس : بحبك


ابتسم بخفة وهنا فرت دموعها بزهول وهي تراه يختفي، تحدثت بزهول : فهد .. فهد يا بابا


ربط على ظهرها قائلاً : رجع شغله يا بابا متصعبيش على نفسك الدنيا وتخرجي


انفجرت باكية كالعادة ودفنت نفسها في حضنه...


شهر
اثنان مروا
وحدث لها شيء لم تتوقعه
ثلاثة
اربعة
خمسة
ستة شهور
كانت تنازع في غرفتها وتصرخ بقوة وهي تضغط على أناملها، حبيبات العرق تنتشر على جبينها وتلتقط أنفاسها ببطء، سبع شهور من المنازعة لأجل طفل والده لم يرأف بحالها ويعود


تحدثت صارخة : يا رب


جذبتها عشق الكبيرة لحضنها ثم تحدثت بصوت مرتفع : يا رعد رن على الإسعاف تاني بسرعة


دخلت آيسل سريعًا ثم جلست بجانبها تمسك يدها وتبكي، تحدثت بتعب : ابني يا آيسل خدي بالك منه عشان خاطري، اوعي تسبيه لابوه يا آيسل هيكرهه ذي ما بيكرهني


عادت تصرخ : ابني يا آيسل


سندت آيسل على يدها تبكي سرعان ما شهقت بألم واسترخت في حضن عشق الكبيرة، تم نقلها للمستشفى وعادت داخل الغرفة تصرخ بجنون، تقع وتفيق مرة آخرى


رن رعد الكبير على ابنه الذي أجاب : سلام عليكم


تحدث الكبير بانفعال : مسافة السكة وتكون عندي فاهم؟


الصغير بتوتر : بس أنا عندي عملية


هدر رعد به : قولت مسافة السكة سامع؟


رد باستسلام : حاضر يا بابا


اغلق بوجهه وجلس بجانب زوجته الباكية، حاوط كتفها يُقبل جبينها وصرخات المسكينة تُهشم داخله بقسوة دون رحمة


استندت آيسل على طرف السرير بعدما أخذوا عشق منها للعمليات، دخلت تسنيم قائلة بقلق : آيسل هي عشق كويسة؟


هزت رأسها بالنفي وانفجرت باكية قائلة : لا يا تسنيم مش كويسة، عشق مش كويسة


صرخت بجنون وهي تطرق على فخذيها سرعان ما وقعت هي الآخرى، فاقت على صرخات طفولية ملئت المستشفى سرعان ما خرجت، وجدت الطفل على يد جده رعد الكبير يؤذن في أذنه


تحدثت آيسل ببكاء : عشق عاملة ايه؟


ربطت عشق على ظهرها قائلة : هتبقى كويسة يا آيسل، تعالي شوفي ابنها


حملته عن رعد واردفت بإبتسامة بسيطة ودموع : مش شبهها ليه؟ كان هيبقى أحلى لو شبهها


ضربتها عشق بخفة على وجنتها : حيوانة دا أبوه الوحيد اللي حتة مني، ايش تقصدي بكلامك هذا؟


آيسل بإبتسامة : اقول ايه ولا ايه بس عنك


ابتسمت تسنيم وهي تقعد في زاوية بعيد، وجدت أسد يأتي مع آدم ورزان هنا وحمله أسد عن آيسل قائلاً : ايه العيل الأسود دا! مش مننا لا احنا عيلة ذي القمر


رمقه رعد بنظرة حادة واردفت آيسل : هات أنت شبهه بس وبعدين أتعيب على الخلق أم الخالق


أسد بمرح : بهزر وبعدين يكفي أنه ابن .. والله ابن كلب


رعد الكبير بتأكيد : قولت حاجة صح بجد


أردف رعد الصغير من خلفهم : الكلب وصل..


دخل يطمئن على عشق ولم يعجبه وضعها نهائي، تعاني من نزيف متواصل لا يتوقف، وجهها شاحب كالموتى كذلك شفاها زرقاء


مرر يده على شعرها وقَبل جبينها هامسًا : أنا آسف


وما فائدة الأسف بعدما فات الأوان..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


" شايف الفرحة اللي حاسس بيها رعد اخوك، بكره تتعافى بعد ما تجربها "
هذا ما قالته عشق الكبيرة وهي تربط على كتفه، ابتسم قائلاً : يا ريت بقى


عاد للقصر بعدها وكالعادة وقف أمام الجناح وداخله يصرخ به أن يدخل لكنه رفض، اتجه حيث نور يجلس بجانبها واردفت بتعب : عشق عاملة ايه؟


ربط على ظهرها قائلاً : بكره تبقى كويسة، متقلقيش يا نور


نظرت باتجاهه قائلة : أسد هو أنا لو مُت هتتجوز بعدي؟


أسد بهدوء : اتكلي على الله وملكيش دعوة اقصد لا طبعًا


اردفت بانزعاج : اسمها بعيد الشر عنك


تحدث بضيق : ولما هي بعيد الشر بتقوليها ليه؟


ضحكت بخفوت واردف : أنا فرحانة اوي إنك قدرت تتخطى الماضي وبقيت تهزر وتضحك ومستني ابننا


عاد يربط على ظهرها ثم خرج يجلس في الحديقة، أجل تعافى وهو أيضًا يظن هذا أنه تعافى، لمحها تجري بعشوائية وهو خلفها ثم حملها قائلاً : هتروحي مني فين؟ جننتيني وراكي


دفعته قائلة : ابعد يا أسد حد يشوفنا عيب، نزلني كده بس!


نفى برأسه بمرح واردف : بتضحكي على مين؟ ما اللي يشوف يشوف هو أنا شاقطك


تحدثت باستنكار : أسد! شيخ ايه بقى؟ دا معتش فيها شيوخ خالص يا ابن الشافعي


مرر أنفه على أنفها قائلاً : هو من ساعة ما اتقابلنا أول مرة وأنا بعمل ايه غير باخد ذنوب، ذنوب جارية من التفكير فيكي


تحدثت بحدة : مستحقش يعني ولا ايه؟


احكم يديه عليها ثم بدأ يدور قائلاً : عايزة تتشاكلي أنتِ هاا، بتحاول تقومي بدوري أنا


تعالت ضحكاتها وهي تهتف : أسد خلاص بقى كفاية، آسفة خلاص نزلني بقى


ظل يتأمل سعادته وسعادتها واردف : انا عايز ارجع لحظة أبقى مبسوط فيها كده يا رب..


أما تسنيم تقف أمام تامر الذي يعد الشهور والأيام حتى ينطلق صراحها من أسد، تأمل عيناها التي تسعى للاختفاء من أمام مجرى نظره، تحدث بمرح : على فكرة بقى انا واقف قدامك مش نايم على الأرض ولا حاجة!


ردت تسنيم بتوتر : حضرتك بعت ليا، كان في حاجة؟


تامر بتأكيد : أيوة، بصراحة يعني أنا اهلي عايزين ينزلوا مصر ولما ينزلوا هيبقوا عايزين يجوا لوالدك ..


قاطعته قائلة : دكتور تامر أنا موعدتش حضرتك بحاجة وحضرتك عارف ظروفي كويس اوي، بابا موافق عليك وبيحبك بس ارجع واقولك لما أطلق هفكر في الحوار بس طول منا على ذمة راجل تاني مفيش مجال لأي حد ولا كنت هاجي هنا أصلا .. عن اذنك


تركته ينظر خلفها بحزن دفين، يبقى على أمل واحد وهو طلاقها من ذاك الذي لا يعرف من اي شيء صُنع رأسه، لم يراها مرة واحدة لكن عيناها تكفي، حديثها الذي يسمعه وهي تحاور اصدقائها، ضحكته التي تكون سبب في لمعة عيناها


تسنيم واة من تسنيم!
اتجهت للمستشفى مرة آخرى تتحدث مع آيسل، سألت الممرضة عنها لتعرف أنها موجودة في الحضانة، ذهبت حيث هي وجدتها تتأمل ابن عشق


تحدثت بإبتسامة : بحب الأطفال اوي


آيسل باستغراب : تسنيم! بحبهم بس بحس إني مش جاهزة ليهم، كان نفسي حملي يكمل عشان بس يبقى في حد في الدنيا يربطنا


وضعت تسنيم يدها على الزجاج قائلة : بإذن الله ربنا يعوضكم لما يرجع، تعرفي إني مبخلفش، يعني عمري ما هجرب الشعور ده بس انا بحمد ربنا على حاجات كتيرة عندي


نظرت آيسل لها قائلة : لو ربنا جعل لينا نصيب في بيت الشافعي سوا صدقيني ولادي ولادك


تسنيم بمرح : صباح الفل أنا هطلق قريب وأنتِ شكلك هتطلقي، عايزة افهم وقعتي في فهد دا إزاي، سبحان الله كنت بتكلم معاهم كلهم إلا فهد وأصلا كنت بفكر إزاي في واحدة عاقلة تتجوزه


ضيقت آيسل عيناها قائلة : نعم بقى! كنا هنبقى حلوين اوي، أنا وأنتِ وعشق ورزان بس الظاهر في تلاتة هيتقطع نصيبهم ...


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


" أنا معنديش اغلى من عيلتي "
هذا ما قاله فهد بحدة قبل عدة أشهر لها بعدما حاولت الوصول له عند الحاجة، وأكمل حديثه قائلاً : أنتِ قولتي مش هدخل يبقى مجيش ومعنى إني لازم اوفي بوعدي لصاحبي يبقى اتجوزك


تحدثت رنيم بتوتر : بس انا مقصدش كده يا حضرة الظابط


رد فهد بهدوء : تقصدي ولا متقصديش، أنا كنت هخسر مراتي بسببك أو بسبب وعدي وبصراحة لا أنتِ ولا ابنك ولا وصية رياض الله يرحمه أغلى عندي منها، هي كل حاجة ليا عشان كده قدامك حلين يا تتفضلي في شقة في القاهرة تحت نظر معارفي يا تفضلي هنا بس أنا غير مسئول عنك أنتِ وابنك


تحدثت بحزن دفين : بس انا مش عايزة اسيب شقتي


رد فهد بانفعال : وأنتِ مش أغلى من مراتي ولا حد يستاهل اقهرها عشانه، فكري ومسموح بمكالمة واحدة تقولي فيها قرارك


تركها دون سماع رد ولم يكن أمامها سوا الإنتقال وهنا قطع فهد علاقته بها وقام بتوصية والده عليها، منذ ذاك اليوم لم يعود للقاهرة سوا في شهر رمضان للذهاب مع عائلته لأداء العمرة وعاد إلى عمله


فهد ازداد صلابة وقسوة واكتسب بعض الغضب، مر بالكثير والكثير في الأشهر لكنه لم يعود لأنه وإن عاد أخذها من عائلتها نهائي


أراد أن تنعم بدفء أسرتها هي أيضًا، وتتأكد أن هناك من في ظهرها ضده، فتكون آيسل قوية حين تعود له وهنا سوف ينجح في ترويضها حينها، هدفه الآن أن تصبح كشماء الفهد أقوى ما يكون بمن حولها، لا يهم سيليا أو آيسل فهو يريد ابنة يوسف واخت يعقوب في مقابل الفهد


فتح هاتفه على صورة لها دون نقابها العازل، اغلقه سريعًا واتجه يُدرب بعض من فريقه..


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


صرخات طفولية أعلنت قدوم ابن أسد الشافعي للعالم هذا، طفل آخر أتى للقصر وجعل الفرحة تتضاعف، بالنسبة لهم خير واقبل أما له خيانة عشق توفى، حمله رعد الكبير في البداية سرعان ما ضحك بخفة


تحدثت عشق : أسد صغنون


وقف أسد يتأمل أهله وتخيل تسنيم تُقبل وتتحدث بحماس : عايزة اشيله، دا ابننا يا أسد الله حلو اوي


حملته عن رعد سرعان ما بكت وهي تقول : دا ابنك يا أسد مش ابني


تركت الطفل فجأة وسقط قلبه معه، ليجد نفسه أنه يتخيل وحتى لو تسنيم هنا لم تكن تفعلها، تحدث رعد الكبير : تعالى شيل ابنك


اتجه يحمله ثم تأمله قليلاً واردفت عشق بحماس : اتفقتوا على اسمه؟


هز رأسه بالنفي قائلاً : متفقناش بس أنا عايز اسميه سليم


رعد الكبير بإبتسامة طفيفة : أمه تسميه، هي اللي تعبت فيه وحقها


هز رأسه بتفهم وبالتأكيد لم يكن الإسم من اختياره فقد كان اختيار تسنيم ذات يوم..


فاقت عشق الصغيرة وكان التعب الشديد من نصيبها، وجدت آيسل بجانبها تسند رأسها على طرف السرير وتنام، ربطت على رأسها هامسة : آيسوله، آيسوله أنا صحيت


رفعت عيناها قائلة بإبتسامة : هتلفي لفتك ومش هتلاقي غيري في ضهرك، عارفة ليه؟


ردت عشق بتعب : عشان أنا مليش غيرك في الدنيا


قَبلت آيسل يدها ووجنتها ثم جبينها واردفت : عشق بقت مامي ذي القمر، بس ليه يجي شبه رعد مش فاهمة، ما كان يجي شبهك عشان احبه اكتر


تحدثت عشق بخفوت : يعني مش بتحبي ابني


ردت آيسل بإبتسامة : بعشقه وهجوزه بنتي لما يكبر، يكفي بس أنه ابنك يا عشق


مسحت دموعها واردفت : رعد مجاش من السفر


همست آيسل بمرح : دا بايت معاكي طول الليل، يعني محستش ولا متبلد المشاعر ذي اخوه ومش بيقرب


عشق بتأكيد : متبلد المشاعر


طرقات على الباب وأذنت آيسل للطارق، دخل رعد وتفاجئ حين وقعت عيناه على عيناها مستيقظه، تسللت آيسل وخرجت ثم أغلقت الباب خلفها واتجه هو قائلاً : حمدلله على السلامة


تحدثت بهدوء : الله يسلمك، كنت كمل يعني مجتش من ست شهور كاملين، لما اهلك وحشوك قابلتهم في السعودية ولا كأن في كلبة مرميه


رعد بضيق : أنتِ عايزة نكد يعني وبعدين أنا حُر


هزت رأسها بتأكيد وادارت وجهها عنه، ظل يتأملها وشعر بالغضب من ذاته لكنه لم يتحدث، غرفة كبيرة اجتمعت فيها مع اختها والجميع حولهم


تحدثت عشق بمرح : كفاية ولاد بقى، انا عايزة بنت


آيسل بمرح : أنا اللي هجيب ليكي البنت


عشق وهي تدفعها بخفة : مش عايزة منك أنتِ بالذات بنات، هاتي ولد ويكون شبه أبوه ومهمتك خلصت، احنا هنلاقيها منها ولا من امها


سيلا بضيق : شوفي الغل بتاعها يا ولاد، كل ده عشان معرفتيش تخلفي حد قمر ذي بنتي


آيسل وهي تضم سيلا : صاحبتك بتغير مني اوي


اتجهت شغف تضم عشق قائلة : بس يا ماما دا هي اللي لمت بور نص بنات المعارف والاقارب


عشق بتأكيد : اة يا حبيبتي وشوفي أنا مدياكي ايه وامك واخدة مننا ايه


سيلا بتأكيد مرح : في دي معاها حق، ابوكي قمرين تلاتة عشرة الصراحة


آيسل بضحك : وابنها خمس الآف قمر في نفس الوقت


عشق الصغيرة بتعب : وأنا صاحبتي مش قليلة بقى على فكرة


عشق الكبيرة بإبتسامة: وأنتِ مش قليلة يا عشق، ربنا يبارك فيكي ويقومك لينا بألف سلامة وتفضلي منورة بيتنا


رغم كل ما حدث من زوجها لم تخبر أهلها بأي شيء، لم تشتكي ولم تفرغ ما بها بأهله، كانت المثال الأجمل من بنات جمان، ذات يومًا اخطأت نور بحقها لكن عشق كانت الأطيب والأحن والأقل حظًا أجل تعلم هذا


أتت رزان قائلة : عشق بيبرس عايز يكلمك


مدت يدها بالهاتف ورفعت ليلة عيناها بلهفة بعدما كانت تنظر أمامها، تحدثت عشق : معاك يا حبيبي


بيبرس بمرح : مين بقى جدو وخالو في نفس الوقت، كان نفسي ابقى جنبك والله بس مش هعرف انزل


عشق بصوت مختنق : لا متجيش يا حبيبي


بيبرس بإبتسامة : مش هاجي بس هديتي جايه اكيد، اديني نور وهكلمك تاني عشان اشوف خالو جدو


ضحكت بخفة ثم أعطته لأمها تعطيه لأختها، رنت تسنيم على آيسل التي وقفت واردفت : جايه اهو


تسنيم بحزن : شوفي أسد ماله، قاعد حاطط أيده على وشه


خرجت آيسل تبحث عنه وجدته يقف يجلس وحده، تحدثت بحزن : مالك يا أسد؟ فين ابنك؟


رد بهدوء : مش عارف شوفيه كان مع آدم ولا خالي


نظرت باتجاه تسنيم التي أشارت أن تسأله، سألته قائلة : في ايه؟ زعلان ليه دا النهاردة ابنك اتولد والمفروض ..


أطلق تنهيدة بسيطة واردفت : المفروض ايه؟ خلاص يا آيسل شوفي الولد مع ... ينفع امشي؟


ردت بصدمة : تمشي تروح فين؟ لا مينفعش، في ايه؟ انا حساك مش كويس


رد بهدوء : طب روحي بس الوقتي


نظرت باتجاه تسنيم التي أكدت برأسها أن تذهب، ذهبت تبحث عن الطفل واستغفر هو ربه وهو يعيد رأسه للخلف، لمح آيسل تسير من جانبه مع ابنها، انحنت أمامه قائلة : تاخد بوسة من القمر دا طيب


أشار بيده بحدة : آيسل ابعديه من قدامي لو سمحتي


آيسل باستغراب : في ايه يا أسد


وقف يستغفر ربه وأشارت تسنيم لها أن تأتي، دخلوا الغرفة وأغلقتها قائلة : متكلميش أسد وهو متعصب، لولا ما أنتِ آيسل كان هزءك الوقتي


آيسل بصدمة : ليه؟ لا بقولك خلي جوزك يتلم


ضربتها تسنيم بحدة ثم حملت الطفل عنها، لمعت عيناها وهي تقول : نسخة من أسد سبحان الله، سموه ايه؟


آيسل بخبث : نور


ضربتها تسنيم في جبهتها ثم رفعت نقابها تُقبله وتستنشق رائحته، أخرجت مصحف صغير ثم قالت : بعد ما اتجوزت باباك كنت جيباه لابني، آيسل هتخليني اشوفك على طول وهنبقى صحاب مقربين كمان، ربنا يحفظك ويجعلك ولد صالح بار بأهلك ويجعلك في كل خطوة سلامة ويعوضك ابوك خير فيك


هي تفكر أنه أصبح له طفل كأخواته وهو يفكر أن هذا الطفل أكبر دليل خيانته لها ولحبه الكبير، خرجت آيسل بعد نصف ساعة ووقفت أمام أسد قائلة : شيله بس كده وهتروق والله


هدر بها بحدة : آيسل


رفعته له فاستنشق رائحة غريبة، حمله يقربه من أنفه وقد راق رائحته له واردف : كان مع مين؟ الريحة دي انا عارفها


هدرت به بحدة : أسد! مش هقولك وموت بغيظك


ابتسم بخفة ثم اتجهوا للغرفة واردفت جمان : كتبتوا الولاد ولا لا؟ يا عشق هتسمي ابنك ايه؟


نظرت باتجاه آيسل قائلة : آيسل تسميه، لو بنت كنت هسميها آيسل بس جيه ولد فهي تسميه


آيسل بمرح : مش هقول لا بس نشوف الدكتور


أشار رعد الصغير بلامبالة فاتجهت أمام الكبير تتحدث معه، اقترحت عليه ثلاثة أسماء فهمس لها باسم لتردف بحماس : معاذ رعد رعد الشافعي


تحدثت نور باقتراح : كنتم خلوه رعد أحسن


حاوط رعد الكبير كتف آيسل قائلاً : لا اللي يزيد عن الحد يبوخ، معاذ افضل


تحدثت عشق الكبيرة : طب ابعد عن السوسة دي بقى


حاوطت آيسل خصره تضمه قائلة : بتغير مني عشان بتحبني، مش هيبعد


وأخرجت لسانها لها وضغط على وجنة عشق الصغيرة بخفة، تحدثت جمان : طب وابنك يا نور؟


نور وهي تنظر لأسد : أسد يسميه


أردف بهدوء : سليم


تحدثت عشق الكبيرة : أعز الولد ولد الولد، أهلا بمعاذ وسليم جنب ريان وعقبال ابن فهد


نظرت آيسل لها كذلك هي لآيسل التي تتمنى أن تتذوق الأمر ويكون ابن فهد فقط...


★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★


بعد مرور ستة أيام
الجميع في قصر الشافعي ويتم توزيع العديد من الصدقات ويتولى الأمر يعقوب مع رعد الصغير وريان الذي أتى في إجازة، الفتيات يضحكوا معًا وآيسل تضم عشق التي ما زال التعب من نصيبها


تحدثت عشق الصغيرة : تسنيم مجتش ليه؟ كنتِ خليها تيجي تفرح معانا شوية


ردت آيسل : وراها محاضرة متأخر، لو خلصت هتيجي


أما أسد يقف أمام الجناح كالمعتاد ودخله تعاهد على عدم الدخول لكنه يريد، أتت له نوبة غضب قوية جعلته يصرخ فجأة وضرب يده بالحائط


تحدثت شغف بقلق : في ايه؟ دا أسد صح؟


وقفت عشق الكبيرة واتجهت تراه وجدته يصرخ : أنا مش عايز الولد ده، مش عايزه فاهمين هو مش ابني، أنا مش عايز ولاد


عشق الكبيرة بتوتر : طيب أهدى شوية عشان خاطري، يا أسد


اتجه للجيم الخاص بهم واغلق الباب عليه، عادت تنادي على رعد وقد رأت في ابنها أنه عاد لنفس النقطة، ضغط رعد الكبير على زر ودخل لابنه، وجد أنه كسر اربع مرايات وجهازين وأكياس الرمال كلها


مسكه رعد الكبير قائلاً : كفاية، أسد خلاص


تسللت آيسل ترى ما حدث، وجدته يصرخ : خلاص ايه يا بابا أنا مش قادر لا اشوفها ولا اشوف ابنها، أنا خونت


رد رعد بحدة : دي مراتك


عاد يصرخ : مين السبب؟ أنا يا بابا السبب وأنا اللي وافقت، ليا عين اطلبها من ربنا؟ ليا عين وأنا بقى ليا من التانية ولد، انا انسان يا بابا ومش قادر اوفق، أنا مش كامل


يد وُضعت على كتف آيسل، التفتت له سرعان ما شهقت وهي تجده الفهد، همست بصدمة : فهد!


ظل ينظر داخل عيناها بصمت استبدلته معه، خرج أسد للحديقة يمسك عنقه وقد تملكت منه خنقة غير عاديه، أطلق صرخة هزت أرجاء القصر


عاد لنقطة الصفر وآيسل تقف وتشاهد ودموعها تنهمر، هتف أسد : يا رب قالولي اتجوز وهتنسى، اتجوزت بس منستش، قالولي اتعايش وهتنسى أنا اتعايشت بس مقدرتش انسى، قالولي خلف وهتنسى خلفت وكان ابني حبل حوالين رقبتي وبرضو منستش


أتت عشق الكبيرة ووقفت بجانب رعد تبكي، آيسل بجانبها فهد، وقف أمام عشق الكبيرة قائلاً : سامحيني بس والله أنا ما قادر انسى تسنيم، والله حاولت كتير يا ماما بس مقدرتش


أغمض عيناه بقوة والتفت يسير قليلاً ثم رفع وجهه لأعلى ووقع على ركبتيه ثم أطلق صرخة آخرى، بدأت آيسل تبكي دون صوت ثم قالت : أسد


لم يجب لكنه استمع لندائها، أكملت بهدوء وهي تمسح دموعها : تسنيم عايشة....


إلى اللقاء في الجزء الرابع
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
كده الفصل الأخير خلص


بقلمي / سماء أحمد
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-